صحافة دولية

هل يخضع أعضاء البرلمان الأوروبي لسيطرة جماعات اللوبيات؟

أشارت الصحيفة إلى أن بروكسل هي بلا شك واحدة من أكبر عواصم اللوبي في العالم- جيتي
أشارت الصحيفة إلى أن بروكسل هي بلا شك واحدة من أكبر عواصم اللوبي في العالم- جيتي
نشرت صحيفة "لاكروا" الفرنسية تقريرا تحدثت فيه عن سيطرة جماعات اللوبيات على أعضاء البرلمان الأوروبي، مشيرة إلى وجود العديد من ممثلي المصالح في بروكسل. التي تخضع أنشطتهم لسجل الشفافية.

وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن أعضاء البرلمان الأوروبي يخضعون لضوابط أقل من الممثلين المنتخبين الفرنسيين. ولا يتم فعل الكثير لملاحقة أولئك الذين يستسلمون أمام إغراء استثمار تأثيرهم.

وأشارت الصحيفة إلى أن بروكسل هي بلا شك واحدة من أكبر عواصم اللوبي في العالم، إلى جانب واشنطن. ويتضح ذلك من خلال 12425 كيانا مسجلا في عام 2022 في سجل الشفافية، وهو شرط أساسي للحصول على اعتماد البرلمان الأوروبي.

من وجهة نظر المؤثرين؛ من توتال إنرجي إلى غرينبيس، هذا أمر مفهوم ففي بروكسل يتم تنظيم سوق يضم ما يقرب من 450 مليون مستهلك. وهو أيضًا المكان الذي يحاول فيه رؤساء دول وحكومات الاتحاد الأوروبي، إيجاد قاسم مشترك لسياستهم الخارجية، حسب التقرير.

"لا مفر منه"
بعد مسيرة مهنية طويلة في الدفاع عن مصالح مصنعي السكر والمزارعين في بروكسل، يعرف دانيال غيغين جيدا أنه لا يوجد مشروع قانون أو توجيه أو لائحة واحدة لم يتم تقديمها للفحص إلى جماعات اللوبي بالمعنى العام، وهكذا جاء في ديباجة بيانه "جماعات اللوبي الأوروبية"، الذي يدعو إلى وضع قواعد أخلاقية  لتنظيم المهنة.

وذكرت الصحيفة أن وجود ممثلين مندمجين بشكل كامل في عمل المؤسسات، هو أيضا وسيلة لتوفير غذاء للتفكير لأعضاء البرلمان الأوروبي البعيدين عن السياسة الوطنية والذين يتعين عليهم مراعاة مصالح الدول الأعضاء السبعة والعشرين. فكيف يمكن السيطرة عليهم بشكل أفضل؟

اظهار أخبار متعلقة


وبينت الصحيفة أنه بالنظر إلى سجل الشفافية، من الصعب للغاية معرفة أين وكيف يتم ممارسة الضغط. كل ما يعرف هو أن غالبية جماعات اللوبي متعلقة بعالم الأعمال، سواء كانت تمثل الشركات (3035 جماعة اللوبي مسجلة في عام 2022)، أو المجموعات المهنية التجارية والصناعية (2630) أو النقابات العمالية والمهنية (967). وهذه الأخيرة مدعومة إلى حد كبير من قبل شركات الخبراء والاستشاريين (552) أو المحامين (84) الذين يمكنهم الاختباء وراء السرية المهنية. وتبلغ حصة المنظمات غير الحكومية 483 3 منظمة.

"في العتمة"
ولفتت الصحيفة إلى أنه حتى بمجرد إدراجها في السجل، لا يوجد ضمان لمعرفة ما تفعله هذه اللوبيات. وتشير "لولا أفريل"، الباحثة المشاركة في جامعة شرق فنلندا، إلى أن نسبة كبيرة من المعلومات المقدمة لا تُظهر الأسباب الصحيحة أو المصالح الممثلة في عام 2022، لم تكن هناك حاجة إلى تعديل أو توضيح 44% فقط من الإقرارات.

وقالت الصحيفة إنه عندما انفجرت فضيحة "قطر جيت" في نهاية عام 2022، والتي سلطت الضوء على تأثير "مجموعات الصداقة" بين أعضاء البرلمان الأوروبي مع دول ثالثة لا سيما قطر والمغرب لم يكن هناك سوى لوبيين مسجلين تحت هذه اللافتة. ومنذ ذلك الحين، أصبح جميع أعضاء البرلمان الأوروبي ومساعديهم ملزمين بنشر جميع تعييناتهم الدبلوماسية على الإنترنت.

وتعدّ حالات تضارب المصالح، مثل النسخ واللصق المشبوه في الإجراءات البرلمانية و"التمويه" المشكوك فيه بعد انتهاء فترة ولاية البرلمان كثيرة. حيث كان لها دور كبير في زيادة الضمانات منذ أن شوهت قضية الفساد المرتبطة بقطر والمغرب سمعة البرلمان الأوروبي. ومنذ الفضيحة، تم اعتماد ميثاق لقواعد الشفافية؛ حيث يجب على أعضاء البرلمان الأوروبي الآن الإعلان عن جميع اجتماعاتهم مع ممثلي المصالح. وسيتعين على أعضاء البرلمان الأوروبي المنتهية ولايتهم التوقيع على سجل الشفافية إذا كانوا يرغبون في الاستمرار في التردد على البرلمان بعد ستة أشهر من "التفكير"، وفقا للتقرير.

هل جرّبنا كل شيء؟
وذكرت الصحيفة أن ذلك لم يمنع من حدوث فضيحة جديدة، وهذه المرة تتعلق بالتدخل الروسي. ففي 27 آذار/مارس، كشفت أجهزة الاستخبارات التشيكية عن شبكة دعائية تديرها وتمولها موسكو. وكان في قلب هذه الشبكة موقع "صوت أوروبا"، المصمم  للتأثير على الانتخابات الأوروبية. ويشتبه في أن أعضاء البرلمان الأوروبي، بما في ذلك بعض أعضاء حزب التجمع الوطني الفرنسي، قد حصلوا على أموال مقابل المشاركة في هذه الشبكة.

اظهار أخبار متعلقة


وأشارت إلى أن سيلفي غيوم عضو البرلمان الأوروبي، التي عملت مع زميلها البولندي دانوتا هوبنر (حزب الشعب الأوروبي (يمين)) لإنشاء سجل الشفافية في عام 2011؛ تشعر بالتشاؤم. برأيها أنه بعد كل التدابير التي تمكنت من اتخاذها، لا تزال هناك مشكلة في الاستقامة من جانب أشخاص جشعين لتحقيق المكاسب، ولا يمكننا السيطرة عليها، كما تتأسف النائبة الاشتراكية في البرلمان الأوروبي واستشهدت بمثال الهيئة العليا للشفافية في الحياة العامة في فرنسا وأعربت عن أسفها لعدم وجود هيئة مماثلة على المستوى الأوروبي.

وختمت الصحيفة مقالها بالقول إنه وفقا لأنطوان فوشيز، مدير الأبحاث في المركز الوطني الفرنسي للبحوث العلمية، فإن آليات تنظيم جماعات الضغط، ومعاقبة حالات الفساد عند الضرورة، لا تزال غير مكتملة إلى حد كبير على المستوى الأوروبي؛ حيث قال "لقد تم تفعيل أداة الوقاية، مع فكرة أن زيادة الشفافية ستكون كافية. ولكننا في الحقيقة لا نملك الوسائل اللازمة لإجراء التحقيقات، أو نفوذ القانون الجنائي. ولكن هذه هي الطريقة التي تحمي بها الديمقراطية".

ويضرب الباحث مثالا بمكتب المدعي العام المالي الأوروبي. فهو يتعامل مع الاحتيال ضد الميزانية الأوروبية ولكن ليس مع قضايا فساد الممثلين المنتخبين، وفقا للتقرير.

التعليقات (0)