حالة الفوضى في البناء الهرميّ للسلطات، وضياع هيبة المناصب الرئاسيّة والبرلمانيّة والوزاريّة، كلّها نتائج طبيعيّة لحالة الفوضى "الولائيّة" والسياسيّة التي أنتجت فوضى إداريّة وأمنيّة عارمة!
ستبقى الدولة العراقيّة تدور في دوّامة الفراغات السياديّة والسياسيّة والدبلوماسيّة والأمنيّة والإنسانيّة والاقتصاديّة وغيرها، ومع كلّ ساعة تمرّ تغرق البلاد بمزيد من أمواج الفراغات والغموض والارتباك، وتدخل في أنفاق قاتلة، وليست مظلمة فقط
التطورات الأخيرة تدلّ على أنّ القوى الشرّيرة تحاول نقل الحرب بالنيابة ما بين طهران وواشنطن إلى أرض العراق، وهذه المحاولات لا تخدم المصلحة العراقيّة العليا بل على خلاف ذلك هي نوع من الدمار التدريجيّ للعراق وجعله ضحيّة لصراع لا ناقة له فيها ولا جمل!
والآن، ومع استمرار رحلة البحث عن رئيس لوزراء العراق، تعود القوى الحاكمة لذات القرصنة الدستوريّة، وليتلاعبوا بالتوقيتات، التي هي من الألفاظ القطعيّة الدلالة في اللغة العربيّة!
ومع التكتّم الحكوميّ عن انتشار الفايروس، يعاني غالبيّة السياسيّين العراقيّين والكتل الحاكمة اليوم ممّا يمكن تسميته بـ"فايروس نقص المناعة السياسيّة"، والمتمثل بعدم قبول أكثرية هؤلاء من قبل المتظاهرين الذين يُنادون بضرورة مُغادرة جميع السياسيّين لمناصبهم، وتقديم القتلة والمجرمين إلى المحاكم
تصوير الحقيقة المؤلمة المتواصلة أبسط الواجبات لدعم شباب العراق الذين خرجوا مطالبين بأبسط حقوقهم، وما زالت الحكومة حتّى الساعة تمزّق أشلاءهم أمام أنظار الجميع!
تحاول الغالبيّة العظمى من السياسيّين العراقيّين ربط قراراتهم بتوجيهات "المرجعيات الدينيّة"، وبالذات الشيعيّة منها، وهذا لا يتفق مع شكل الحكم الديمقراطيّ بحسب الدستور
هل هنالك أزمة حقيقيّة في العراق، أم هي مجرّد محاولات "غير بريئة" لقلب الحقائق، وتهويل وتَسويد لواقع ورديّ مزدهر مليء بالرفاهية والأمن والسلام، وسعي لتشويه سمعة الحكومة أمام المجتمع الدوليّ؟
إذا كانت حكومة المهدي قادرة على ترتيب هذه الحزمة من القرارات العاجلة، وهذا الكمّ الهائل من الوظائف، والمنح، والأراضي المجّانيّة، فلماذا لم تطبّقها قبل المظاهرات؟