صحافة دولية

كاتب جزائري: لوم الغرب ليس كافيا.. نحن مسؤولون عن كوارثنا

السوريون يعيشون أوضاع إنسانية صعبة داخل بلادهم بعد تهجيرهم- جيتي
السوريون يعيشون أوضاع إنسانية صعبة داخل بلادهم بعد تهجيرهم- جيتي
نشر موقع "ميدل إيست آي" البريطاني مقال رأي للكاتب والصحفي الجزائري جمال داوود، تحدث فيه عن أوضاع البلدان العربية، واخفاقات الأنظمة العربية، مؤكدا "أننا مسؤولون عن الحال التي نحن عليها الآن".

وقال الكاتب، في مقاله الذي ترجمته "عربي21"، إن صحفيا فرنسيا سأله ذات مرة عن السؤال الفلسفي الأكثر إلحاحا الذي يجب طرحه في هذا القرن الجديد. وقد أجابه بشكل تلقائي، أن السؤال الأكبر لهذا القرن الذي يجب طرحه الآن يتمحور حول الآخر، أو بالأحرى كيف نتصرف تجاه الآخر؟ فخلال أوقات السلم والسلطة يمكننا التعامل مع الآخر بدافع الفضول الغريب، أو التعاطف، أو بحثا عن التنوع. أما في أوقات الأزمات، تتجلى ردودنا تجاه الآخر غالبا في الإنكار أو القتل أو اللامبالاة أو الرهاب.

وأوضح أن مفهوم الهوية عادة ما يستخدم من قبل البعض في الجزائر كذريعة لرفض الانفتاح على العالم، بينما تستخدمه بلدان أخرى في الغرب كسبب لرفض العالم بكل تنوعه. ويعد هذا المفهوم نوعا من المقاربة بين الأصولية والتفرد. وكثيرا ما تطرقت الأساطير والقصص القديمة إلى هذا المفهوم على غرار قصة قابيل وهابيل، ورواية "الغريب" لألبير كامو، حيث قتل البطل ميرسولت أخ عشيقته عربي الأصول، فضلا عن روبنسون كروزو وصديقه جمعة.

وأضاف الكاتب أن الغرب لا يزال متهما بما ارتكبه من جرائم في حقنا في الماضي من خلال الاستعمار، ولا مبالاته بمأساة الشعوب الأخرى؛ حيث يمكن أن يجعل شعبه يبكي من أجل فيلم تيتانيك، ولكن ليس من أجل مئات الأشخاص الذين يغرقون في البحر الأبيض المتوسط. صحيح أن الغرب مذنب، لكننا نحن العرب مذنبون أيضا.

وأشار إلى أنه في الواقع، يعتبر الاستعمار جريمة، لكن إخفاقاتنا الحالية لا تقل شأنا عن ذلك. ويجب على النخبة في "بلدان النامية" تقبل ذلك، والتوقف عن إنكارها للمسؤولية واتهام الخونة والمستعمر بالتسبب فيما نعانيه من فشل. فقد دفعنا إنكار المسؤولية إلى الدفاع عن مفهوم انعدام الضمير الذي يعد كارثيا مثل التغاضي عن جريمة.

وتحدث الكاتب عن المقالات التي تنشر في الصحف المحافظة أو الإسلامية في  الجزائر، التي تصف المهاجرين القادمين من جنوب الصحراء  بـ "الأفارقة". وتزعم هذه الصحف أن هؤلاء المهاجرين مذنبون بارتكاب الجرائم والعنف ونشر الأمراض والتهديدات، وهي نفس الجرائم التي يتهم بها الأوروبيون المهاجرين السريين من المغرب العربي.

وأكد الكاتب أن دولنا تمارس نفس "سياسة انعدام الضمير التي ينتهجها الغرب"، تجاه مسألة تدفق المهاجرين من جنوب الصحراء الكبرى. وقد تجد في نفس الصحيفة مقالة تندد بالطرد العنيف للمهاجرين الجزائريين في فرنسا، إلى جانب مقال قصير يتحدث عن عملية ترحيل 500 مهاجر من جنوب الصحراء من مدينة جزائرية بذريعة أن أحدهم قد ارتكب جريمة. ولكن، كي تكون قادرا على اتهام الغرب يجب أن تكون يداك نظيفتان أولا، ونحن لسنا كذلك.

وأقر الكاتب بالألم الذي سببه له مشهد المهاجرين الأفارقة، الذين يبعد مخيمهم بضع مئات الأمتار عن منزله، لعدم قدرته على الموازنة بين شعوره بالخوف وعدم الاكتراث، وبين إنسانيته وكرمه وخشيته أن يعمل ذلك على تهديد الراحة التي يعيشها الآن والتي أمضى سنوات في إنشائها.

كما أكد الكاتب أنه يفهم دوافع أولئك الذين يرفضون الترحيب بالآخرين وأولئك الذين يغادرون بلدهم. وفي مقال له حول "أحداث كولونيا" نشر قبل سنتين، وتطرق داوود إلى ضرورة مساعدة المهاجرين وأكد على واجب اللاجئ في الحفاظ على هذه الحرية والأمن لأنه هاجر للشمال للحصول عليهما.

وذكر الكاتب أن الغرب يعتبر مكانا خياليا بالنسبة للبلدان النامية، حيث يحلم سكان هذه البلدان بالذهاب إلى هناك، كما يحلمون أيضا بتدميره وتغييره. ويعتبر الغرب بالنسبة لنا رمزا للجنس والجسد والحرية ولكن أيضا ذكرى العنف ومكان تناقضاتنا، وحدود ومكان الحرمان. ويحلم المهاجر بالعيش هناك، لكنه يحلم كذلك بالحفاظ على اختلافه. ويأتي الإسلاميون الذين يتعرضون لقمع النظام إلى الغرب بحثا عن ملجأ، ومع ذلك يعد الغرب نفس المكان الذي يرفضونه بشدة.

وقال الكاتب إن معظم المثقفين في العالم العربي، من المغرب إلى عُمان، متهمون بجميع المصائب التي تحدث في بلدانهم لأنهم يدافعون عن القيم الإنسانية كالحرية، أو الجسد، أو الديمقراطية، أو المساواة، على الرغم من أنها شعارات غير مقتصرة على الغرب بل تعتبر قيم الخلاص بالنسبة للجميع.

وأضاف: "نظرا لأن هذه القيم تعتبر تابعة للغرب، فإن كل شخص يجعلها قضيته يجد نفسه يواجه الاستبعاد، وبالتالي هو خائن. لقد منح المحافظون، مثل المتدينين، أنفسهم دور الحماية والإشراف على قيم الأصالة والتقاليد والوطنية، ما دفعنا إلى العيش في الهوامش ونشر ثقافة الموت.

وفي الختام، أشار الكاتب إلى أهمية دور الثقافة في إرساء قيم التضامن، حيث تعترف بالاختلاف وتجعل من المعتقدات مسألة نسبية، وتساعد أولئك الذين لا يملكون الوسائل على التعرف على ثقافات وحضارات أخرى. كما دعا الكاتب إلى إيلاء اهتمام كبيرة بمجال الترجمة، لتصدير الكتب وغيرها من الأعمال، من أجل تبادل اللغات والروايات، حيث يرى فيها فرصة لإنقاذ العالم.
التعليقات (1)
Nasr
الأحد، 02-12-2018 10:59 م
هذا الذي نعتموه بالكاتب هو مستغرب و محارب للاسلام و عميل للاحتلال الفكري و الاستيلاب الثقافي