اقتصاد عربي

كيف يهدد بيع بنك القاهرة الأمن القومي والاقتصاد المصري

يعد بنك القاهرة ضمن 6 بنوك مصرية أخرى سوف تشهد تغييرات فى هياكل ملكيتها خلال العام الحالي
يعد بنك القاهرة ضمن 6 بنوك مصرية أخرى سوف تشهد تغييرات فى هياكل ملكيتها خلال العام الحالي
بدأت الحكومة المصرية حملة ترويجية في الولايات المتحدة الأمريكية لبيع بنك القاهرة، الذي يحتل المركز الثالث بين أكبر البنوك العاملة في مصر.

ووفقا لتصريحات رئيس بنك مصر، المالك لبنك القاهرة، محمد الأتربي، فإن النية تتجه لطرح 45% من أسهم بنك القاهرة، للبيع في البورصة، قبل نهاية العام المالي الجاري 2019/2020، وفي موعد أقصاه حزيران/ يونيو المقبل.

وكشف الأتربي خلال مشاركته في جلسة نقاشية عقدتها الجمعية المصرية لمخاطر الائتمان قبل أيام في القاهرة، عدم وجود مانع لشراء مستثمرين أجانب للأسهم التي سيتم طرحها، مشيرا إلى أن الهدف من بيع هذه النسبة الكبيرة من ملكية البنك الحكومي، هو تحقيق أرباح من عملية إعادة الهيكلة لضمان استقرار البنوك الحكومية المتبقية.

وكان البنك المركزي المصري أعلن طرح بنكي القاهرة والمصرف المتحد، بالبورصة خلال النصف الأول من 2020، وأن عوائد عملية البيع ستتم إعادة ضخها في بنكي مصر والأهلي، لزيادة رأس مالهما.

ويعد بنك القاهرة، ضمن 6 بنوك مصرية أخرى، سوف تشهد تغييرات في هياكل ملكيتها خلال العام الحالي، منها 3 بنوك حكومية أخرى، وهي بنك الاستثمار العربي، والمصرف المتحد، والبنك الأهلي المتحد، الذي تحول لبنك خاص للمعاملات الإسلامية فقط، وينضم للقائمة بنك التنمية الصناعية، وبنك عودة اللبناني.

ويمتلك بنك القاهرة 124 فرعا على مستوى الجمهورية، فضلا عن نحو 6 فروع بدول عربية، وفرعين في أفريقيا، ويمتلك حصصًا في شركات وبنوك بمصر وخارجها، وحقق صافي أرباح خلال 2019 وصلت بعد الضرائب إلى 2.5 مليار جنيه (157 مليون دولار)، بينما تبلغ إجمالي أصوله 176 مليار جنيه (11 مليار دولار).

من جانبه حذر عضو البرلمان المصري محمد عطا سليم، من خطوة الحكومة لبيع بنك القاهرة لسد عجز الموازنة بسبب الديون التي تتزايد نتيجة الاقتراض الخارجي، مشيرا إلى أنها ليست المرة الأولى التي تعتزم فيها الحكومة بيع بنك القاهرة على وجه التحديد، حيث سبق أن اتخذت خطوة مماثلة في 2016، ولكنها فشلت في ترويج الصفقة.

وأكد سليم في طلب إحاطة قدمه لرئيس مجلس الوزراء، أن الحكومة تبيع المشروعات التي تحقق أرباحا، ومن ثم تبدأ فى البحث عن بناء مشروعات محتملة النجاح، مؤكدا  أن بيع تلك المشروعات الناجحة، ليس هو السبيل للخروج من مأزق وكارثة الديون التي تتزايد.

"تحكم بالموارد"

وفي تعليقه لـ"عربي21"، أبدى أستاذ الاقتصاد بجامعة أوكلاند الأمريكية مصطفى شاهين تعجبه من خطوات النظام المصري المتزايدة نحو عملية الخصخصة، وتخطيها لمرحلة بيع شركات القطاع العام لبيع المؤسسات المهمة والمتحكمة في الموارد المالية للدولة مثل بنك القاهرة وغيره من البنوك التي أعلنت الحكومة عن طرحها بالبورصة.

ويؤكد شاهين أن الخطورة ليست لأن بنك القاهرة يعد من أصول الدولة الاقتصادية، ولكن لأن قطاع البنوك على وجه التحديد هو عصب الاقتصاد، لأنها المتحكمة في السياسة النقدية والمتحكمة في الاقتراض، ومن ثم هي التي تدير موارد الدولة.

ويضيف شاهين: "خلال الفترة الماضية، توسع النظام في بيع المؤسسات والشركات التي كانت جزءا من عملية التنمية التي شهدتها مصر طوال عشرات السنوات، ومن ثم بدأ التفريط في شركات أعمارها تتجاوز 147 عاما مثل شركة الملاحة، وهناك شركات أخرى في الطريق مثل الحديد والصلب، وشركات النسيج، وهو ما يؤكد أن هدف النظام هو تدمير عصب الاقتصاد والتنمية بمصر".

ويوضح أستاذ الاقتصاد المصري أن بنك القاهرة واحد من أكبر البنوك المصرية، وله فروع كثيرة، وقيمته التسويقية عالية، ويمثل أهمية للأمن القومي المصري، لما يمتلكه من حسابات بنكية للشركات الحكومية والهيئات الرسمية المختلفة، ومن ثم فإن "الترويج له خارج مصر، وطرح 45 % من أسهمه، يشير لأمر واحد، وهو تمكين الأجانب من الاقتصاد بدعوى تسديد الديون".

"إفلاس واضح"

ويعقد الباحث والخبير الاقتصادي عبد الحافظ الصاوي مقارنة بين عملية بيع بنك القاهرة وعملية بيع بنك الإسكندرية التي جرت في 2006، موضحا أن الحكومات المصرية لم تتعلم الدرس، حيث استطاع المستثمرون الإيطاليون استرجاع رأس مالهم كاملا من الأرباح التي تحققت على مدار تسع سنوات، بينما خسرت مصر بنكا يمتلك محفظة مالية قوية وله 176 فرعا.

ويؤكد الصاوي لـ"عربي21" أنه في حال بيع بنك القاهرة، فإن البنوك الكبرى المملوكة للدولة ستنحصر في بنكي الأهلي ومصر، ومن ثم فإن النظام الذي يقوم بالتفريط في بنك القاهرة "لن يكون لديه مانع من التفريط في بنكي الأهلي ومصر، لأنه يريد في النهاية الحصول على أية أموال للتغطية على كارثة الديون والقروض".

ويوضح الصاوي أنه نتيجة الخصخصة، فإن الاستثمارات الأجنبية أصبحت هي المتحكمة في القطاعات المهمة التي تمثل عصب الأمن القومي المصري، مثل الاتصالات، والإسمنت، والغذاء، وتقترب الآن من قطاع الخدمات المالية والبنوك، رغم أن كل القطاعات التي تم خصخصتها لم تحقق أي قيمة مضافة لعمليات التنمية والإنتاج التي تحتاجها مصر.

ويضيف الصاوي: "حصيلة بيع بنك القاهرة سوف تدخل في دوامة عجز الموازنة، ولن تتجه للمشروعات الإنتاجية، أو بناء أصول رأسمالية جديدة، وهو ما يعني أن مصر تبيع أصولها الرأسمالية والمالية، من أجل الإنفاق الجاري وخدمة الدين الحكومي".
التعليقات (0)