صحافة دولية

FP: مليشيات إيران لن تقبل تغيير وصف القوات الأمريكية بالعراق

فورين بوليسي: الغالبية العظمى من 2500 جندي أمريكي في العراق كانوا في أدوار غير قتالية لأكثر من عام- جيتي
فورين بوليسي: الغالبية العظمى من 2500 جندي أمريكي في العراق كانوا في أدوار غير قتالية لأكثر من عام- جيتي

قالت مجلة "فورين بوليسي" إن إطلاق صفة "غير مقاتلة" على القوات الأمريكية في العراق لن يمنحها حصانة من هجمات المليشيات.

وأضافت المجلة في مقال للزميل في المعهد اليهودي للأمن الأمريكي والمستشار سابقا لنائب الرئيس الأسبق ديك تشيني، جون حنا، أن الغالبية العظمى من 2500 جندي أمريكي في العراق كانوا في أدوار غير قتالية لأكثر من عام.

ويرى حنا أن ما أعلنه بايدن كان مناورة على المسرح السياسي يهدف إلى مساعدة الكاظمي على استرضاء عناصر في العراق تعارض الوجود الأمريكي، وبالذات المليشيات الشيعية القوية المدعومة من إيران وأنصارها من بين العراقيين، الذين سيصوتون في الانتخابات الوطنية في تشرين الأول/ أكتوبر.

وفيما يلي نص المقال:


لا شك في أن إعلان بايدن كان لفتة حسنة النية. لكن من شبه المؤكد أنه كان ثقة زائدة بالنفس: في بيانين تم إصدارهما قبل فترة وجيزة من اجتماع بايدن-الكاظمي، أعلنت ما تسمى لجنة تنسيق المقاومة، التي تضم أكثر المليشيات قربا من إيران في العراق، أنها لن تقبل بإعادة توصيف للدور الأمريكي في العراق، ووصفوا الإعلان بأنه "احتيال" و"تلاعب" يهدف إلى "إطالة أمد الهيمنة (الأمريكية). "لقد أوضحوا أنهم لن يقبلوا بقاء جندي أمريكي واحد على الأراضي العراقية تحت أي ذريعة. لا يهم ما يطلق عليهم، مقاتلين أو غير مقاتلين، يجب أن يرحل كل واحد منهم. إذا لم يفعلوا ذلك، فقد وعدت المليشيات بفعل "كل شيء" من أجل "تطهير أرضنا المقدسة من رجس المحتلين".

يجب أن يأخذهم بايدن على محمل الجد. منذ أن تولى منصبه قبل ستة أشهر، كان هناك تصعيد كبير للهجمات ضد الأفراد الأمريكيين في العراق. استهدفت المليشيات العراقية القوات الأمريكية في العراق وعبر الحدود في سوريا أكثر من 30 مرة منذ تولي بايدن السلطة، بما في ذلك ما لا يقل عن 12 هجوما في تموز/ يوليو وحده.

ليس فقط العدد المطلق ووتيرة الهجمات التي زادت. لقد أصبحت أيضا أكثر تعقيدا، والأمر الأكثر إثارة للقلق هو أن المليشيات تستخدم الآن طائرات دون طيار متطورة ودقيقة من إيران قادرة على التهرب من الدفاعات الأمريكية.

استهدف أول هجوم من نوعه، في نيسان/ أبريل، ما كان من المفترض أن يكون حظيرة سرية لوكالة المخابرات المركزية في كردستان العراق، ما يؤكد التغيير التدريجي في مستوى التهديد الذي يواجه الآن الأفراد الأمريكيين.

لحسن الحظ، كان عدد الضحايا منخفضا، ولم يسقط قتلى من الأمريكيين، ولكن هناك سبب وجيه للاعتقاد بأنه مع تصاعد خطورة الأسلحة المستخدمة وتعقيدها، قد تهدف إيران ومليشياتها الوكيلة بشكل متزايد إلى قتل الأمريكيين، وليس مضايقتهم فقط.

ليس هناك شك في أن الإيرانيين يختبرون بايدن. ولماذا لا يفعلون؟ لقد شاهدوه ينسحب من أفغانستان، إنهم يرون مدى حرصه على العودة إلى الاتفاق النووي الإيراني، إنهم يعلمون أنه يريد بشدة تهدئة التوترات في الشرق الأوسط؛ حتى يتمكن من التركيز على أجندته المحلية والصين.

من وجهة نظر إيران، أظهر بايدن كل الإشارات الدالة على دخول متسوق مفرط إلى السوق، فلماذا لا نضغط من أجل تنازلات أكبر في المفاوضات النووية مع الاستمرار في التقدم بشكل أكبر إلى إمكانية تصنيع الأسلحة النووية؟ لماذا لا تزيد الهجمات على المواقع الأمريكية في العراق لمعرفة ما إذا كان يمكن الضغط على بايدن للهروب من هناك؟

يشعر المرء أن إدارة بايدن أدركت أن الإيرانيين ينظرون إليها على أنها لقمة سهلة، وقد قضى بايدن في لعبة السياسة الخارجية فترة طويلة بما يكفي ليعرف مدى خطورة ذلك، في محاولة لإبعاد إيران عن الفكرة، أذن بايدن مرتين بضربات انتقامية ضد مواقع المليشيات على الحدود العراقية السورية، لم تنجح. في الواقع، بعد الضربة الثانية، رد وكلاء إيران بشن هجوم على القوات الأمريكية هو الأكبر منذ أن أطلقت إيران نفسها وابلا من الصواريخ الباليستية عليها في أعقاب اغتيال قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني في بغداد بأمر من الرئيس السابق دونالد ترامب، في كانون الثاني/ يناير 2020.

الحقيقة أن الردع ضد إيران لا يمكن شراؤه بثمن بخس. عندما ترد أقوى دولة في العالم على عشرات الهجمات على جنودها، والتي كان يمكن أن تكون قاتلة بضربتين خفيفتين في الصحراء، فإن أمريكا تقول بصوت عال إنها تتجنب عمدا مواجهة حقيقية، وتفهم منه إيران أن لديها هيمنة تصعيدية على المسرح العراقي، وأنه إذا استمر وكلاؤها في الدفع، فإن الاحتمالات كبيرة أن بايدن سينهار في النهاية بدلا من القتال، وبدلا من رؤية الضربات الانتقامية لبايدن على أنها رسالة بأن الأسوأ قادم إذا لم تتوقف الهجمات وتنتهي، من المحتمل أن تكون إيران ووكلاؤها قد خلصوا إلى أنه مخادع، وعلى وشك الانسحاب تماما، فأصبح رد بايدن على حملة الهجمات استفزازا، وهذا أسوأ من الفشل.

إذا كان بايدن يعتقد أن خدعته الدبلوماسية مع الكاظمي لديها فرصة لخداع إيران للتراجع، فمن شبه المؤكد أنه على وشك أن يستيقظ.

من المرجح أن يكون التأثير يشبه التلويح برداء أحمر أمام ثور. التقطت إيران ووكلاؤها رائحة تقليص أمريكا لقواتها، وكما يوضح رد فعل المليشيات على إعلان بايدن، هناك فرصة كبيرة لأن يكون النصف الثاني من عام 2021 أكثر خطورة على الأفراد الأمريكيين في العراق من النصف الأول. هل يفهم بايدن ذلك بعد أن قرر على ما يبدو أن الفوائد التي تعود على مصالح أمريكا من البقاء في العراق تفوق التكاليف، هل هو مستعد بالفعل لدفع ثمن التأكد من نجاح استراتيجيته؟

 

اقرأ أيضا: ترحيب عراقي واسع باتفاق انسحاب "القوات الأمريكية" (فيديو)

التعليقات (0)