ملفات وتقارير

كيف يؤثر تراجع خلافات المنطقة على حكومة العراق المقبلة؟

قال مراقبون إن "ذوبان بعض الخلافات قد يخفف من حدة المشاكل بالعراق"- الأناضول
قال مراقبون إن "ذوبان بعض الخلافات قد يخفف من حدة المشاكل بالعراق"- الأناضول

في ظل تراجع حدة الخلافات الإقليمية، والتقارب المحتمل بين إيران والمملكة العربية السعودية، تدور تساؤلات حول انعكاس ذلك كله على تشكيل الحكومة العراقية المقبلة بعد الانتخابات البرلمانية المبكرة المقررة الأحد المقبل.


وشهدت المنطقة جولات محادثات بين طهران والرياض في بغداد كشف عنها للمرة الأولى في نيسان/ أبريل 2021، وكذلك تقارب بين أنقرة وأبو ظبي، إضافة إلى إعادة تطبيع العلاقة بين قطر ودول مجلس التعاون الخليجي، بعد قطيعة دامت أربع سنوات.


لاعبون أقوياء


من جهته، قال المحلل السياسي العراقي، غانم العابد، في حديث لـ"عربي21"، إن "دول الخليج وحتى تركيا نوعا ما تعتبر لاعبا من الخط الثاني في موضوع تشكيل الحكومة العراقية، لأن تشكيلها هو صراع بين إيران والولايات المتحدة".


وأضاف العابد أنه "عقب الانتخابات الأخيرة التي جرت عام 2018، كان كلام طهران واضحا، بأنها تغلبت على واشنطن 3 مقابل صفر، بمعنى أنها تمكنت من تشكيل رئاسات الجمهورية والبرلمان والحكومة في العراق".


ورأى الخبير السياسي أن "ذوبان بعض الخلافات بين هذه الدول قد يخفف من حدة المشاكل بالعراق، لكن تبقى دول الخليج ليست باللاعب القوي في موضوع تشكيل حكومة العراق، وقد تدعم سياسيين من هنا أو هناك، لكن حتى الآن لم تصل إلى مرحلة أنها تتمكن من تشكيل الحكومة".


وأعرب العابد عن اعتقاده بأن "التيار الصدري، بزعامة مقتدى الصدر، سيحقق الأغلبية في البرلمان كونه يمتلك جمهورا ثابا، على عكس باقي الأحزاب الشيعية التي تفككت بعد مظاهرات تشرين الأول/ أكتوبر عام 2019".

 

اقرأ أيضا: ترحيب أمريكي بالمحادثات السعودية الإيرانية المباشرة

وأوضح أن "التيار الصدري منذ أكثر من شهرين يتحرك على الأطراف الكردية والسنية بخصوص موضوع تشكيل الحكومة، لكن رد الطرفين كان أنهم سيدعمون شخصية مدنية يطرحها التيار، ما يعني أن رئيس الوزراء المقبل سيكون شخصا مدنيا ولا ينتمي إلى التيار الصدري نفسه".


وكشف الخبير العراقي أن "التيار الصدري حدد 20 اسما وافقت عليهم هيئته السياسية، وهم من سيطرحون على الكتل لمنصب رئيس الوزراء في الحكومة المقبلة، وهؤلاء لا ينتمون للتيار، لأن بعض الكتل السياسية رفضت تأييد أي شخصية تنتمي إليه".


ونوه العابد إلى أن "العراق اليوم قوة اقتصادية كبيرة، ومن مصلحة كل الدول أن يكون لها وجود فيه، وأن مصالح هذه الدول تجبرها على التعامل مع رئيس الحكومة المقبلة أيا كان، المهم ما يتفق عليه العراقيون".


وتوقع أن "لا يحصل أحد على الأغلبية المطلقة في الانتخابات المقبلة تتيح له تشكيل الحكومة كما كانت في السابق، الفوز بـ90 مقعدا، وإنما قد يحصل التيار الصدري على 35 مقعدا بالكثير، وبذلك يكون قد حقق الأغلبية، ولا بد له من تشكيل تحالفات تنبثق عنها الحكومة المقبلة".


تسريع التفاهمات


وفي المقابل، رأى الباحث في الشأن السياسي العراقي، نجم المشهداني، في حديث لـ"عربي21"، أن "ينعكس التقارب الإيراني السعودي إيجابا على سرعة التفاهمات بين القوى السياسية لاختيار رئيس الحكومة المقبلة".


وأوضح المشهداني أنه "في المرحلة السابقة، كان وزير الدولة السعودي ثامر السبهان يجري لقاءات مع قيادات سياسية عراقية في عمّان، ويضغط باتجاه أسماء محددة لشغل منصب رئيس الحكومة، وإيران كان لها دور أكثر من ذلك".


وأشار إلى أن "تراجع الخلافات الحادة بين القوى الإقليمية من شأنه أن يدعم شخصية سياسية مدنية للوصل إلى رئاسة الحكومة، لكن بكل الأحوال فإن هذه الدول تتعامل مع أي شخصية تأتي إلى المنصب".


وتوقع المشهداني أن "تنخفض معرقلات تشكيل الحكومة في المرحلة المقبلة، بسبب غياب التوترات الخارجية، رغم أن إيران ستكون حريصة على مجيء شخصية لا تتمرد عليها، وربما النموذج الأقرب إلى ذلك هو رئيس الحكومة الحالي مصطفى الكاظمي".


ولفت الباحث إلى أن "مصطف الكاظمي أو شخصية أخرى مقبولة من دول الإقليم، سواء الدول الخليجية أو غيرها، سيكون لها الحظ الأكبر خلال المرحلة المقبلة، ولا أعتقد أن نوري المالكي (رئيس الحكومة الأسبق) أو شخصية تنتمي للتيار الصدري ستكون لهم رئاسة الحكومة".


وأعرب المشهداني عن اعتقاده بأن "دول المنطقة تريد شخصية مرنة تتعامل معها وتواصل إتمام الاتفاقيات التي أبرمها الكاظمي معها، إضافة إلى أن العراق دولة مهمة، فإذا اضطربت الأوضاع فيه، فلا شك أن ارتداداتها ستطالهم، وهذا ما شاهدناه عند اجتياح تنظيم الدولة للبلد عام 2014".


في 10 تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، ينتخب العراقيون 329 نائبا جديدا في البرلمان في انتخابات تشريعية مبكرة وعدت بها الحكومة العراقية لتهدئة غضب الشارع؛ إثر الاحتجاجات الشعبية التي هزت البلاد في أكتوبر 2019.


وتجري هذه الانتخابات، التي كان موعدها الطبيعي في العام 2022، وفقا لقانون انتخابي جديد يعتمد دوائر انتخابية متعددة والتصويت لمرشح واحد، يفترض أن يحد من هيمنة الأحزاب الكبيرة على المشهد السياسي.


ويبلغ عدد الناخبين في هذه الانتخابات 25 مليونا، يتوزعون على 83 دائرة انتخابية و8273 صندوق اقتراع. أما عدد الناخبين الذين يمكن لهم نظريا التصويت، فهو 23 مليونا، كونهم أصدروا البطاقات الانتخابية البايومترية.


ويتنافس المرشحون على 329 مقعدا، بينها 83 مقعدا تمثل 25 بالمئة من المجموع الكلي خصصت للنساء، إضافة إلى تسعة مقاعد للأقليات موزعة بين المسيحيين والشبك والصابئة والأيزيدين والكرد الفيليين.

التعليقات (0)