سياسة عربية

هل يسقط حراك "مواطنون ضد الانقلاب" إجراءات سعيّد؟

يقود حراك مواطنون ضد الانقلاب سلسلة التحركات ضد سعيد- عربي21
يقود حراك مواطنون ضد الانقلاب سلسلة التحركات ضد سعيد- عربي21

برز حراك "مواطنون ضد الانقلاب" بتونس مباشرة بعد إعلان الرئيس قيس سعيّد الإجراءات الاستثنائية في 25 تموز/ يوليو الماضي، برفضه لقرارات سعيد التي يعتبرها "انقلابا" على الشرعية.


ويضم الحراك شخصيات حقوقية وقانونية وسياسية في تونس، وتختلف توجهاتهم الفكرية وتمتزج بين اليمين واليسار، حتى أن أسماء بارزة اجتمعت في الحراك، وكانت في الماضي القريب وخاصة بعد الثورة على خصومة سياسية كبيرة.


وبات الحراك فاعلا ومحركا قويا في الساحة السياسية بتونس، ففي كل مرة يدعو إلى النزول للشارع والتظاهر إلا واحتشد الآلاف وخرجوا رفضا لقرارات سعيد مطالبين بإسقاط قراراته وعزله، ويطرح الحراك خارطة طريق تضع توجهات فترة ما بعد إسقاط المرحلة الاستثنائية.


والأحد، استجاب الآلاف من التونسيين لدعوة "مواطنون ضد الانقلاب" وتظاهروا أمام البرلمان رفضا لقرارات قيس سعيّد، حيث قال الحراك إن مظاهرات الأحد هي الأضخم والأكبر وستتلوها مسيرات وتحركات في كل الجهات وخارج البلاد.

 

اقرأ أيضا: صور من داخلية تونس لـ"أسلحة بيضاء" بالاحتجاجات.. وسخرية

وأمام الشعبية التي بات يتمتع بها الحراك، يطرح السؤال في الشارع التونسي عن قدرة وقوة وصلابة "مواطنون ضد الانقلاب" في مواصلة حشد الشارع إلى حين تحقيق هدفه الرئيسي وهو إسقاط الانقلاب.

 

رعب النظام


وقال باحث الدكتوراه في القانون، عدنان الكرايني، في تحليل خاص لـ"عربي21": "كان قيس سعيد قد علق حول منع قواته لندوة صحفية يوم الاثنين الفارط لحملة مواطنون ضد الانقلاب قائلا ما هو وزنهم لكي أمنعهم؟ لكنه تناسى أن عرقلته لهذه الندوة وتعليقه على الحدث في لقاء مع اثنين من أعضاء حكومته هو اعتراف منه بقوة حجتهم وعجزه عن مواجهتهم بالفكرة والحوار لذلك يعمد بشكل مستمر لقمع حرية التعبير والاعتداء على حق الإعلاميين في تأدية مهمتهم في تغطية الأحداث ومد المواطن بالمعلومة". 


وتابع كرايني: "يوم الأحد، أكد سعيد أنه يرتعد خوفا من أي تحرك معارض له بدليل أنه حول تونس لثكنة عسكرية وأغلق البلاد وحاصر تونس العاصمة بشكل يمنع الدخول إليها فقط لكي يبعثر مسيرة مناهضة للانقلاب. هذا اعتراف منه بأنه ضعيف وأن قدرة مواطنون ضد الانقلاب كبيرة جدا لتحريك الشارع وتعبئة الناس لاستعادة الدولة التونسية المختطفة من 25 يوليو".

 

اقرأ أيضا: FT: تونس تعيش لحظة الثورة المضادة بدون أفق للخروج 


ولفت الباحث قائلا: "شيء آخر أيضا يحسب لحملة مواطنون ضد الانقلاب أنها جمعت أفرادا من مختلف الاتجاهات من يسار وإسلاميين وعروبيين وحقوقيين وأساتذة قانون وقضاة ومفكرين ونقابيين وإعلاميين وحضور مهم جدا وحاسم للمرأة والشباب ونواب مؤسسين ونواب حاليين وسابقين ووزراء سابقين وخاصة عبد الرؤوف بالطبيب الوزير المستشار السابق لدى رئاسة الجمهورية". 


وشدد عدنان كرايني على أن "مسيرة الأحد كانت دليلا على قدرة التحركات المناهضة للانقلاب على أن تصنع الفارق على الميدان وما قمع الشرطة وإقامة الحواجز في مختلف الطرقات المؤدية للعاصمة من مختلف محافظات الجمهورية إلا لأن هؤلاء الجماهير قذفت الرعب في قلب سعيد وأركان انقلابه". 


واعتبر أن "ما حصل الأحد والليلة السابقة له، فضيحة بكل المقاييس في تسخير الأجهزة الأمنية للدولة من أجل قمع أي صوت حر، وهو ما يؤكد عجزه على مواجهة معارضيه بالحجة مقابل قدرة المناهضين للانقلاب على تسجيل النقاط وفضحه واكتساب الشارع بخطى حثيثة، فمن يعجز على مجابهة خصمه بالحجة يميل لإرهابه وتوظيف الأجهزة المسلحة للدولة ضده لإخماد صوته لكنها محاولة فاشلة ومفضوحة".


قدرة الاستمرار


وقال الجامعي سفيان علوي في تحليل خاص لـ"عربي21"، "أعتقد أن 25 تموز/ يوليو، قد فقد جزءا من قاعدته الشعبية الفعلية والمسوقة إعلاميا أو عبر سبر الآراء بعد انعطافة 22 آيلول/ سبتمبر، وهناك شعور عام بالخيبة".


واعتبر علوي أن حراك مواطنون ضد الانقلاب "نجح باقتدار في كسر الإجماع الشعبي المغشوش حول مسار 25 تموز/ يوليو، لكنه بقي نخبويا إلى حد ما".


وعن القدرة على الاستمرار في تحريك الشارع يقول محدثنا: "من حيث الزخم الاحتجاجي يبدو أنه لم يخفت ولا زال قادرا على الاستمرار رغم الحصار غير المعلن عليه. والجديد بعد مسيرة 14 نوفمبر هو رفع شعار العودة إلى التحكيم الشعبي عبر الانتخاب وهو ما التقطه اتحاد الشغل الذي ظل يراقب تطور موازين القوة وتحرك في اتجاه صاحب 25 تموز/ يوليو وبادر بالاتصال بالرئيس داعيا إلى انتخابات تشريعية مبكرة ورافضا عودة البرلمان". 


من جانبه، قال الصحفي زياد الهاني لـ"عربي 21" إن "هناك حقيقة لا يمكن إغفالها وهي أن الجمهور الأساسي لحراك مواطنون ضد الانقلاب، هو جمهور حركة النهضة، وليست جماهير عفوية خرجت للشارع دفاعا عن الديمقراطية، فعموم التونسيين يعيشون حالة من الترقب القلق".


وأضاف الصحفي الهاني: "هناك من جهة رفض للمنظومة التي حكمت بعد 2011 وفشلت في تحقيق أهداف الثورة بما جعل البلاد تعيش وضعا أسوأ بكثير مما كانت عليه خلال فترة حكم الرئيس الراحل زين العابدين بن علي الذي قامت الثورة ضده، ومن جهة ثانية هناك قلق وريبة من سياسة الانفراد والانغلاق الانعزالية لقيس سعيّد، والتي تزيد في تعفين الأوضاع والسير بالبلاد للهاوية".

 

اقرأ أيضا: "الشغل التونسي" يحذر من "انفجارات اجتماعية" ويدعو للحوار

واستدرك الصحفي زياد الهاني: "لكن وبقطع النظر عن ذلك، فحراك مواطنون ضد الانقلاب مهم لأنه يسفه سردية قيس سعيّد التي نصب نفسه بموجبها معبرا أوحدا عن الإرادة الشعبية وناطقا وحيدا باسمه، ويؤكد بالتالي أن الحقيقة نسبية لا يمكن لأي طرف ادعاء امتلاكها، وأنه لا مخرج لتونس من أزمتها بغير الحوار الوطني الصادق والشامل".


إسقاط الانقلاب


وأشار الهاني إلى أن "تواصل الضغط الشعبي مع بوادر عجز قيس سعيّد عن حل المشاكل الاقتصادية والاجتماعية رغم السلطات المطلقة التي اكتسبها بانقلابه على الدستور، هو الذي سيسقط الانقلاب".


في المقابل، رأى الجامعي سفيان علوي أنه "بين التمسك باستئناف المسار الدستوري من حيث توقف وهو ما يعني عودة البرلمان وبين التركيز على العودة إلى التحكيم الشعبي عبر انتخابات مبكرة لا يبدو الإجماع حاصلا أو قادرا على مزيد من التحشيد وما لم يصل الحراك إلى توليفة بين المطالب السياسية والمطالب الاجتماعية أو على الأقل بيان غياب التعارض بينهما لا يبدو الحسم قريبا في هذا الاتجاه أو ذاك". 


وشدد علوي على أن "مصداقية الجميع في الميزان، ولا أحد يريد الخروج دون مكاسب سياسية ميدانية ومن كان قابلا للعب دور الوساطة سابقا وناله شرف الحصول على جائزة نوبل للسلام أصبح طرفا ما في المعادلة الحالية".


وختم علوي قائلا: "يبقى زخم الشارع مهما وهو تعبير عن مدى تجذر الخطاب الديمقراطي وقدرته على كسر الاحتكار الإعلامي للمنابر واختبار حقيقي لحياد المؤسسات ومناخ الحريات".


ورأى كرايني أن "الإطاحة بالانقلاب تتطلب تنويعا في التحركات من مسيرات حاشدة تارة في العاصمة وتارة في الجهات والأقاليم، من إضرابات جوع نضالية لفضح ممارسات الانقلاب، من قضايا في المحاكم التونسية والدولية ضد سلطة قيس سعيد، وكذلك توعية الناس بمخاطر الانقلاب خاصة مع بداية تعكر الوضع الاقتصادي والاجتماعي والهدف الأساسي هو حشر الانقلاب في الزاوية ودفعه نحو العزلة والارتباك والقيام بالخطأ تلو الخطأ إلى أن يجد نفسه بين سندان السجن والمحاكمة ومطرقة الفرار إلى المنفى".

 

التعليقات (0)