السبت، 02 يوليو 2022 / 02 ذو الحجة 1443
لعَمري هذا ما يفعله الفلسطينيون؛ إذا دعاهم داعي المقاومة انتفضوا بسهولة ويُسر دون عوائق تحجبهم عن مقاومتهم للمحتل، ودون تفكّر في العواقب، ودون تَرَوٍّ في مواجهة العدو، فأي شجاعة هذه وأي نضال هذا وأي احتلال، مهما طال أمده، يمكنه أن يقف أمام هؤلاء القوم؟
يفعلون مثلما قال الشاعر:
لا يسألون أخاهم حين يَنْدُبُهم في النائبات على ما قال برهانا
وهم هكذا إذا نَدَبَهُم وطنهم فلسطين لمقاومة المحتل، لا يسألون داعي المقاومة ولا يطلبون منه برهانا على عدالة مطلبه، فهم يعلمون أنهم أصحاب الحق، وأنهم فرسان البيت، وسَدَنَة الأقصى أمام المقتحمين الهمج. قاوم الفلسطينيون عدوّهم على مدار زمن جاوز القرن، كما قاوموه وهو كيان مزروع في أرضنا على مدار 74 عاما بالتمام والكمال، انهزموا أمام ترسانة السلاح لكن لم تنكسر نفوسهم، أُخرِجوا من أرضهم لكن لم تُقتَلَع جذورهم منها، يسيرون عليها مطمئنين يحتضنهم كل شبر فيها، وعدوّهم يسير وهو لا يدري إذا كان سيبقى أم سيعود لبلده التي وُلد فيها قبل أن يقرر أن يكون لص أراضٍ وتاريخ وثقافة.
لمّا أُعلِنت دولة الاحتلال، اجتمعت نظم عربية لمحاربة هذا العدو السرطاني، وبعد مرور أكثر من سبعة عقود أصبحت النظم العربية محارِبة للحق الفلسطيني، ومتخاذلة أو متواطئة مع العدو الصهيوني، فالفلسطينيون اليوم يحاربون عدوهم، ويحاربون قيادات النظم التابعة، ويحاربون عدوا من بني جلدتهم، وتتكالب أنظمة الدنيا ضدهم دعما لعدوّهم، ورغم ضراوة خصومهم وأعدائهم، فَرَضَ الفلسطينيون معادلات تثبيت الوضع فيما يخص الحدود الدنيا لبقاء قضيتهم، والحفاظ على مقدساتهم، ولو كان هذا التكالب على أمة أخرى مع وجود محتل لديه قوة عسكرية على أغلب الأرض، لما استمر النضال لسنوات فضلا عن استمراره لعقود، كما أنه ليس استمرارا خافتا بل تشتعل جذوته في نفوس أبناء الوطن كأنه أول يوم احتلال؛ لا ما يزيد عن سبعة عقود.
لا يرى المرء مقاومين بهذه الصلابة دائما، صامدين حتى وهم يحملون النعش الطاهر بصاحبته، والهراوات تطالهم من كل حدب وصوب، فما أسقطوا النعش وما هربوا، بل تمسكوا بالنعش كتمسّكهم بوطنهم، وتمسكوا بالعَلَم الذي يرمز لتاريخهم ونضالهم، وانهزم العدو أمام قطعة قماش، وانتصر النعش رغم أنه يحوي جسدا هامدا
إننا نرى تجدد أوصاف المقاومة على أرض فلسطين وبأيدي أبنائها، فيقاومون بالسلاح، ويقاومون بالمال، ويقاومون بالحجر، ويقاومون بالكلمة، ويقاومون بالاستعلاء على العدو في مواطن تجبّره، ويقاوم السجناء بأمعائهم الخاوية، ويرغمون أنف عدوهم بالنُّطف المهربة.. وتقاوم نساء فلسطين بإنجاب الأولاد وتعليمهم حقهم في الأرض، ويقاومْنَ كذلك بأن يكنَّ سندا لكل مقاوم بالسلاح أو المال أو الحجر أو الكلمة أو الاستعلاء، فنساؤهنّ يقُمْنَ بكل الأدوارِ المقاوِمة سندا وظهرا وعونا، وفوق ذلك هنَّ السَّكن أو الأمهات للمقاومين، يستمد المقاوم من حنانهنّ الصلابة، ومن رقتهنّ القوة، ومن نظراتهنّ الإباء.
لا يرى المرء مقاومين بهذه الصلابة دائما، صامدين حتى وهم يحملون النعش الطاهر بصاحبته، والهراوات تطالهم من كل حدب وصوب، فما أسقطوا النعش وما هربوا، بل تمسكوا بالنعش كتمسّكهم بوطنهم، وتمسكوا بالعَلَم الذي يرمز لتاريخهم ونضالهم، وانهزم العدو أمام قطعة قماش، وانتصر النعش رغم أنه يحوي جسدا هامدا.
الفلسطينيون آية هذا العصر؛ آيته في التمسك بحقهم، وآيته في الدفاع عن كامل أرضهم ومقدساتهم، وآيته في صدق نبينا الذي قال إنهم "في رباط إلى يوم الدين"، ويا لها من بشرى ويا له من مدح من سيد هذه الأمة وهاديها، وسيظلون في وجه النكبة لا يضرهم من خذلهم. ولن يقدر الصهاينة على تلك الأرواح التواقة للحرية، والمعجونة بماء الإباء والكرامة، وستظل المقاومة خُلُقا للفلسطينيين تصدر عنهم "بسهولة ويسر من غير حاجة إلى فِكْر ورَوِيَّة".
twitter.com/Sharifayman86
لا يوجد تعليقات على الخبر.