أخبار ثقافية

"قدر" الفيلم الممنوع في أيام قرطاج السينمائية.. ما قصته؟

تستمدّ طرافة فيلم (قدر) للمخرجة إيمان بن حسين من طرافة القضيّة التي يطرحها- الأناضول
تستمدّ طرافة فيلم (قدر) للمخرجة إيمان بن حسين من طرافة القضيّة التي يطرحها- الأناضول

هو الفيلم الذي اتفقت حول قيمته الفنية الصحافة والنقاد والمبدعون في تونس، ولم ترحّب به ضمن برمجتها أيام قرطاج السينمائية التي تفتتح مساء اليوم السبت 29 أكتوبر 2022. (قدر) الفيلم الممنوع ليس فقط في قرطاج، وإنما أيضا في أبرز المهرجانات العربية، حسب تصريحات مخرجته إيمان بن حسين، هو الفيلم ذاته المرغوب فيه من الجمهور والنقاد في عروضه الأولى بقاعات السينما بتونس العاصمة. ما المميّز في هذا الفيلم عن بقيّة الأعمال السينمائية حتى يحظى بكلّ هذا الإجماع؟

كانت المخرجة التونسية إيمان بن حسين قد أطلقت فيلمها الجديد (قدر) بإنتاج مشترك تونسي (أمجد الصفدي) وشركة RUM PICTURES، وذلك في الثامن عشر من شهر أكتوبر 2022 أمام جمهور متنوّع من الشخصيات العامة والفنانين والصحفيين والنقاد. ويشارك في بطولة الفيلم الممثلون التونسيون: مهذب الرميلي ووجيهة الجندوبي ومعز القديري ورياض حمدي ورابعة السافي، ومن لبنان الممثلة تقلا شمعون، التي عرفها المشاهد العربي من خلال مسلسل عروس بيروت.

قصة الفيلم

تستمدّ طرافة فيلم (قدر) للمخرجة إيمان بن حسين من طرافة القضيّة التي يطرحها، والتي لا تخلو من جرأة بالغوص في عالم ممنوع في العادة على "كاميرات" المخرجين العرب. إنّه عالم الشبكات السرية وكيفية اشتغالها على تسيير قدر الشعوب العربية من خلال قصة الـ"حفناوي"، دكتور طب شرعي تم تجنيده منذ الصغر من قبل "كاتيا" التي تنفذ مهمة داخل منظمة مأجورة تنفذ مخططات لأجندات مختلفة لا يعلمها حتى منفذوها، ويصنعون من حفناوي الآلة المطيعة لأوامرهم. تمر الأيام ليجد "حفناوي" نفسه أمام إملاءات لا يستطيع تنفيذها، لينقلب السحر على الساحر، ويسترجع إنسانيته التي داس عليها طوال حياته.

ساعة وثماني وأربعون دقيقة من الصراعات بين الجانب الإنساني والجانب الوحشي الذي يسكن الإنسان، ويترجم برغبة تدمير الآخر من أجل حياة الأنا وأمانها.

يتقمص شخصيّة الحفناوي الفنان المسرحي والتلفزي مهذب الرميلي، الذي قال في تصريح في إجابته عن سؤال "عربي21": "أرهقني هذا الفيلم على المستوى النفسي أساسا أوّلا على اعتبار التركيبة النفسية للشخصية والصراع الكبير بين موروث الشخصية، بين تاريخها وحاضرها، بين تأثير فترة الطفولة على نفسيته والوضعية الآنية للشخصية، بين بقايا الأحاسيس الإنسانية وبين النمط الآلي الذي أًصبح مجبول عليه. وفي كل مرة تتحرك داخله المشاعر الإنسانية".

 


 

وحول أسباب قبوله العمل في فيلم (قدر)، قال مهذب الرميلي: "لقد أغرتني القضية والموضوع الذي يتناوله الفيلم. وأعتقد أني تغلبت على الصعوبات حول طبيعة الشخصية. وفخور أني شاركت في عمل يتناول الوضع العربي والوضع التونسي على مستوى؛ لأنّ هذا يضاف لي ولسيرتي الذاتية والفنية. والفن هو جرأة بالأساس، والفنان لا بد أن يكون في أول صف وحامل شعلة. لا أستطيع أن أكون فنانا وجبانا في الوقت ذاته".

وأضاف الرميلي: "صراحة، كل المشاهد كانت متعبة.. ممكن نفسيا.. ممكن المشهد الذي عاد به إلى منزله الذي ترعرع فيه كان صعب جدا على المستوى النفسي.. فعودتي لذلك المكان ليس فيه تباعد بين الشخص والشخصية بمفهوم المعايشة.. كان صعب جدا أن نتبنى الشخصية؛ فالمشهد كان مدمرا على المستوى النفسي حقيقة".

أما عن مدى صعوبة تحويل الحقائق أو مشاهد واقعيّة إلى مشاهد درامية، فعلق ضيف عربي21 قائلا: "تحول الحقائق إلى عمل سينمائي: أوّلا يلزم دراية مفصلة بتلك الحقائق، ولا بد أن تكون الحقائق ضرورية دراميا وليست مسقطة. البناء الدرامي يكتمل بتلك الحقائق، وضع الحقائق في إدارة السياق الدرامي حتى لا نسقط في التوثيق، ثم أيضا شكل تقديم الحقيقة التاريخية غير الحقيقة الفنية. العمل التوثيقي نقل الحقيقة التاريخية كما هي، أما استثمار الحقيقة التاريخية في العمل الدرامي، فهو استثمار لروح الحقيقة وليس للحقيقة كما هي".

المنتج الأردني "صور رم"

 
"ما حفزنا للدخول في إنتاج هذا الفيلم هو مجموعة اعتبارات، أولها معرفتنا الجيدة بمخرجة العمل إيمان بن حسين؛ فنحن كنا على علاقة تعاون طويلة مع بن حسين من خلال إنتاجنا للعديد من أعمالها الوثائقية، لعل أبرزها فيلم (هل يصنع القتلة الدواء). فنحن اقتربنا من إمكانيات المخرجة وقدرتها على الإبداع، ورغبتها في التطور من خلال أعمال وثائقية، إلى حين أن جاءت بفكرة فيلمها الدرامي الطويل الأول (قدر)، وعندها كنا مؤمنين بإيمان، وبأن العمل معها في فيلمها الأول سيكون خطوة ناجحة." هكذا تحدث المنتج الأردني عبد العالم الشميري عن حوافزه للمشاركة في إنتاج هذا الفيلم لـ"عربي21".

 

وأضاف: "الاعتبار الثاني هو أن موضوع الفيلم قريب من هموم الناس، وما يشغل تفكيرهم وهم يبحثون عن تفسير لما يرسم مصائرهم ويتحكم في حاضرهم ومستقبلهم، وهل هناك أفراد أو كيانات تطوع إمكانيات ومقدرات الأمم لما يصب في مصلحة مجموعة محدودة (كما تصر بعد القصص على وصفه)، أم أن المنفعة المتحصلة من الحراك السياسي والاقتصادي والمجتمعي تصب في مصلحة عموم المواطنين؟"

 


وأجاب منتج الفيلم الأردني عن سؤالنا حول إمكانات تهديد الفيلم أو رفضه من المنظومة العربية الرسمية، قائلا: "حقيقة لم يكن لدينا قلق من قبول المنظومة العربية الرسمية لهذه القصة ولهذا الفيلم، أو بالأحرى أن تقف في وجه نجاحه المتمثل في وصوله للجمهور. أبرز ما كان يشغلنا هو قبول المشاهد العربي للقصة وتفاعله معها، ونحن نعرف أن المشاهد العربي هو بالعموم مشغول بالسياسة منذ عقود، ومع موجات الربيع العربي، وما أعقبها من توترات زاد من بحثه عن إجابات لواقعه وسبل خلاصه وتقدمه".

وقال عبد العالم الشميري إن "رفع سقف أي عمل إبداعي هو من عوامل حضوره وانتشاره بين الناس، خاصة أننا لا نتجاوز بحق المجتمع ومعتقداته، وبالتالي من متطلبات تقديم الجديد والإبداع هو دفع الحدود الفنية والفكرية وحتى سقف الحرية في هذه الأعمال، خاصة إذا كان هذا الدفع نابعا من داخل المبدع نفسه (الكاتب أو المخرج)، ومن تجارب وأسئلة شخصية لديه، وهذا ما حصل في فيلم (قدر)"

وسألنا عبد العالم الشميري: "هل ننتظر المواصلة في هذه النوعية من الأفلام التي تقطع مع الأفلام التجارية بجديتها، خاصة أننا نعيش في واقع يحتاج مثل هذا الطرح؟ فكانت إجابته كالتالي: "توجهنا هو تطوير نصوص تقترب من قضايا الناس وما يشغلهم، وذلك بعيدا إن كانت هذه الأعمال تندرج تحث ما يعرف بالأفلام التجارية أو الذاتية. ولكن في العموم، نحن أقرب إلى إنتاج الأعمال التي تحكي لغة يفهمها عموم الناس، وهو ما قد يحقق انتشاره وقبوله أيضا، سواء في السينمات العربية أو منصات المشاهدة أو غيرها".

وأنهى عبد العالم الشميري، المنتج الأردني لفيلم (قدر)، حديثه معنا بقوله: "نعتقد أن الواقع والتاريخ العربي معقد، وفيهما من التحديات والقصص وحتى البطولات ما تجعلهما مادة غنية لكتابة الأفلام وتحميلها بقضايا النقاش، وهو ما تعمل عليه شركتنا في الفترة القادمة".

وكانت مخرجة الفيلم إيمان بن حسين قد أكدت في أكثر من مناسبة ولقاء إعلامي رفض الفيلم من قبل أيام قرطاج السينمائية في البرمجة الرسمية، على أنه تم قبوله في برمجة بانوراما، أي البرمجة الموازية، لكنها رفضت؛ لأنها اعتبرته تناقضا من إدارة المهرجان أن يتم رفض العمل ثم قبوله فقط في برمجة ثانوية. وفي المقابل، أكدت أنه تم برمجة الفيلم للعرض في أكثر من دولة أوروبية.


1
التعليقات (1)
نسيت إسمي
الأحد، 30-10-2022 09:51 ص
1 ـ (الكوميديا) "قارون يتسول" لأنه أغنى رجل في المدينة لقب بقارون لكنه كان يسافر شهراً كاملاً و لا يعرف عنه أحد أين يذهب و لماذا ؟ تمر الأيام و السنون ليجده أحد معاريفه بصدفة وجده يتسول في مدينة أخرى بعيدة من هول الصدمة قام بمواجهته ماذا تفعل ؟ و رد عليه ببرودة لا تتعجب فالبحر يطلب المطر هههه . 2 ـ (ثنائية الضوء والظلمة في فيلم قدر) أوّل ما يلفت نظر المتفرج هو الاهتمام العميق من المخرجة بالصورة واللقطات في الفيلم، فهي بدت قاتمة سوداوية لتعكس الحالة النفسية للشخصيات وتخدم مضمون الفيلم وما يبرزه من صراع داخلي بين الشخصية وذاتها وبين الشخصيات في ما بينها وكذلك إبراز العنف والتعذيب المادي والنفسي والمأساة الإنسانية ولتجسيد هذا الصراع وحالة التمزق التي تعيشها الشخصية الرئيسية، لعبت المخرجة في الصورة على متناقضين اثنين هما ثنائية الضوء والظلمة في آن واحد. وقد لعبت الصورة القائمة على ثنائية الضوء والظلمة دلالات أخرى في الفيلم، فالظلمة موظفة بإحكام لتعبر عن الظلم والاستبداد والطغيان والسجن والعزلة، وأما الضوء فهو فسحة أمل للتحرر والانعتاق وليست قتامة الصورة وحدها معبرة عن معاني العنف وعن الصراع والسيطرة والتحكم في الشعوب الفقيرة وعن الحالة النفسية للشخصيات، إذ كثّفت المخرجة من اللقطات القريبة والقريبة جدا حتى تكون مقاصدها وفية لمعاني الصراع ورمزيتها من عنف وقتل ودماء، فغاصت في أعماق الشخصيات وأبرزت بشاعتها في التحكم في دواليب الدولة من أجل حماية مصالحها مستعينة في ذلك بتجنيد بعض الأجهزة من أمن وقضاء وأطباء تشريح وسياسيين وإعلاميين، إذ لا..... 3 ـ (على سر صاحبة الجلالة 1969) أحد أفلام العميل السري البريطاني بوند، والذي قام ببطولته جورج ليزنبي، في الظهور الأول والأخير لشخصية بوند على أحد شواطئ البرتغال، يقوم بوند بإنقاذ إمرأة جميلة تُدعى تريسي من الإنتحار، تشكره بالطبع، وتدعوه لسهرة في أحد الفنادق، يستيقظ بوند ليجد أنه قد تم اختطافه من مجموعة ملثمين، ليقابل داركو زعيم كبرى عصابات أوروبا، ويخبره أن تريس هي ابنته، وهي تعاني من مشاكل، ثم يعرض عليه أن يتزوجها مقابل مليون دولار. 4 ـ (الماس إلى الأبد 1971) شون كونري تدور قصة الفيلم حول الشرير بلوفيلد الذي يرسل قمر صناعي ويصوب أشعة الليزر الخاصة به على مناطق إستخراج الألماس، من أجل مساومة الحكومة البريطانية على دفع فدية له وإلا سيدمر العالم؛ ومن هنا يأتي دور جيمس بوند في التصدي له. 5 ـ (رؤية قاتلة 1985) روجر مور تدور قصة الفيلم حول نية الملياردير ماكس زورين في إحداث سلسلة من الإنفجارات التي ستؤدي إلى تدمير سان أندرس، وهنا يأتي دور العميل السري البريطاني جيمس بوند في التصدي له . 6 ـ (الغد لا يموت أبداً 1997) بيرس بروسنان يعود العميل السري الأشهر جيمس بوند في مغامرة جديدة لإنقاذ العالم من حرب عالمية ثالثة، قد يتسبب في اندلاعها إمبراطور الإعلام إليوت كافير؛ الذي يريد أن يمد سيطرته الإعلامية للصين التي تمنع قوانينها ذلك، فيفكر أن يتسبب في حرب بين الصين وبريطانيا، ويحاول بوند إفساد مخططه الشرير بمساعدة العميلة السرية الآسيوية واى لين، ويفاجأ في صراعه أن حبيبته السابقة باريس قد أصبحت زوجة كافير . 7 ـ (كازينو رويال 2006) دانيال كريج "لو شيفر" مموّل لشبكات إرهابية دولية، يشارك في لعبة مقامرة بـمونتجرو، حيث لا بد له من استرجاع أموال الشبكات الإرهابية التي قد فقدها، ليبقى آمنًا من السوق الإرهابي، وهنا تقوم الزعيمة إم بإرسال العميل جيمس بوند بصحبة فيسبر ليند لحضور لعبة المقامرة ومنع لو شيفر من الفوز. 8 ـ (أحذية رياضية) يسلط فيلم يسلط فيلم الضوء على المراقبة الحكومية الشاملة والمخاطر التي تنطوي عليها. يستند هذا الفيلم إلى مجموعة من خبراء نظام الأمن ، الذين ينتهي رئيسهم بالابتزاز من قِبل عملاء الحكومة في سرقة جهاز فك التشفير المتقدم. غالبًا ما يتم تجاهل هذا الفيلم ولكنني أشعر أنه يستحق المزيد من الاهتمام .
الأكثر قراءة اليوم

خبر عاجل