ملفات وتقارير

كيف يحاول "الإطار الشيعي" منع فوز السوداني بانتخابات العراق؟

الإطار التنسيقي يخشى أن يعمد السوداني إلى الإعلان عن تشكيل حزب أو تحالف سياسي جديد ويخوض الانتخابات المقبلة- إكس
الإطار التنسيقي يخشى أن يعمد السوداني إلى الإعلان عن تشكيل حزب أو تحالف سياسي جديد ويخوض الانتخابات المقبلة- إكس
يحاول عدد من قادة الإطار التنسيقي الشيعي في العراق، وضع الأسوار أمام وصول رئيس الوزراء، محمد شياع السوداني، إلى ولاية ثانية، بعد عزم الأخير المشاركة بالانتخابات المقبلة، بعدما غاب حزبه عن انتخابات مجالس المحافظات في ديسمبر الماضي.

السوداني الذي جاء إلى رئاسة الحكومة الحالية عن طريق قوى الإطار التنسيقي الشيعي، يستعد للدخول إلى الانتخابات البرلمانية المتوقع إجراؤها في أكتوبر 2025 عن طريق تحالف يقوده حزبه "تيار الرافدين"، الحاصل على مقعدين في انتخابات عام 2021.

اظهار أخبار متعلقة


"خطة الإطار"
في تقرير نشره موقع "ميديا لاين" الأمريكي، الثلاثاء، أوضح أن "رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، رغم تمتعه بشعبية بين المواطنين العراقيين، إلا أن الأحزاب التي دعمته، تنظم صفوفها لإسقاطه، إذ يعتزم الائتلاف الحاكم (الإطار) الدعوة لانتخابات مبكرة في محاولة للإطاحة به".

وأفاد الموقع بأن خطة الإطار تتمثل بـ"مهاجمة رئيس الوزراء والتقليل من إنجازاته وإسقاطه شعبيا وخلق المزيد من المشاكل السياسية والاقتصادية، وبعدها سيخرج الشارع في تظاهرات تطالب بإسقاط الحكومة، ثم الدعوة إلى انتخابات مبكرة، ولا يتم ترشيح السوداني مجددا، أو منحه أي منصب".

وبحسب التقرير الأمريكي، فإن "الإطار التنسيقي يخشى أن يعمد السوداني إلى الإعلان عن تشكيل حزب أو تحالف سياسي جديد، ويخوض الانتخابات المقبلة، ويحصل على الأغلبية السياسية الحاكمة في العراق".

يأتي تقرير الموقع، بعد حديث للقيادي في الإطار نوري المالكي، كشف فيه عن مساع لتغيير قانون الانتخابات، وإلزام المسؤول التنفيذي بالاستقالة من منصبه قبل 6 أشهر إذا رغب المشاركة فيها، مع احتمالية إجراء انتخابات مبكرة خلال العام الجاري. 

وقال المالكي خلال مقابلة مع وكالة الأنباء العراقية الرسمية "واع" الأسبوع الماضي، إن "هناك قراءات لدى كتل وقوى سياسية بأن الدوائر المتعددة في قانون الانتخابات، هي الخيار الأفضل فيما يرى آخرون أن الدائرة الواحدة هي الأفضل".

المالكي يشير هنا إلى القانون الذي استخدم في الانتخابات البرلمانية السابقة، وكان ائتلاف دولة القانون الذي يتزعمه، من أشد المعترضين عليه، كون التيار الصدري ضغط لإقراره، ولأنه أيضا يصب في صالح الكيانات الصغيرة والناشئة والمستقلين.

يشار إلى أن مجلس النواب عدل العام الماضي النظام الانتخابي المعمول في انتخابات تشرين الأول/ أكتوبر 2021، وبموجبه اعتُمد نظام الدوائر المتعددة وقسم العراق جغرافيا إلى 83 دائرة بديلا عن النظام القديم، الذي يحدد أن كل محافظة (عددها 18) تمثل دائرة انتخابية واحدة.

وأكد المالكي وجود خلاف داخل الإطار التنسيقي بخصوص تعديل قانون الانتخابات، مشيرا إلى أن هناك مقترحا يقضي بإجراء انتخابات برلمانية مبكرة تكون في العام الجاري 2024 بدلا من 2025.

لكن أخطر ما طرحه المالكي، هو أن "الإطار" يناقش في الوقت الحالي مقترحا يقضي بـ"عدم مشاركة المسؤولين التنفيذيين في الانتخابات إلا بعد تقديم استقالتهم، وذلك قبل 6 أشهر لعدم السماح لهم باستثمار إمكانيات الدولة في المنافسة الانتخابية".

اظهار أخبار متعلقة


صيغة توافقية
من جهته، قال الكاتب والمحلل السياسي العراقي، فلاح المشعل، إن "أطرافا داخل الإطار التنسيقي تعمل حاليا على كتابة قانون انتخابي جديد، ويتبنى هذا الأمر نوري المالكي، لإقرار قانون وفق نظام الدوائر المتعددة، والاحتساب على نظام سانت ليغو 1.7".

وأوضح المشعل لـ"عربي21" أن "السوداني أمام سؤال مهم داخل الإطار التنسيقي، هو أنك إذا أردت المشاركة في الانتخابات من خلال تيار الفراتين الذي ترأسه، فعليك الاستقالة قبل مدة من إجرائها".

وتابع: "بمعنى آخر أنك (السوداني) لا يمكن لك الاستفادة من الإمكانيات المادية والبشرية في هذه الانتخابات، لأنه من المعروف أن السلطة عادة ما تنجح في الانتخابات، ومثال على ذلك ما جرى في انتخابات مجالس المحافظات التي جرت مؤخرا وحققت فيها قوائم تابعة للمحافظين فوزا كبيرا".

وأكد المشعل أن "قوى داخل الإطار التنسيقي لا تريد للسوداني أن يدخل الانتخابات خشية من أن يكتسح البرلمان، لكنهم سيوافقون على مشاركته ضمن قوائمهم، وبالتالي يحصل على مقعد واحد وفق الدوائر المتعددة، على عكس الدائرة الواحدة التي تضمن حصوله على مقاعد أكثر".

وأردف: "بالنتيجة يبقى السوداني تحت سطوة الإطار الذي جاء به إلى السلطة، خصوصا أن الأول لا يمتلك رصيدا داخل البرلمان، لذلك المعادلة التي يراد أن يوضع فيها، هي إما أن تشارك ضمن الإطار وسنضمن لك ولاية ثانية، أو تقدم استقالتك من المنصب في حال دخلت بقائمة لوحدك".

وأكد المشعل أن "السوداني يمتلك تيارا نشطا ويتحرك في الأوساط السنية والشيعية على حد سواء، ويجمع تأييدا شعبيا، وهو يعمل أيضا على إيجاد قائمة وطنية شاملة فيها كل المكونات العراقية".
وزاد قائلا: "لكن القائمة الوطنية تتقاطع مع توجهات الإطار التنسيقي كونه يمثل المكون الشيعي، وبالتالي يضيف معضلة جديدة للإشكالية القائمة بين توجهات السوداني السياسية وتوجهات أطراف الإطار".

وتوقع المشعل أن "يتوصل السوداني إلى صيغة توافقية مع قوى الإطار، لأنه لا يمتلك القدرة على المواجهة أو الرفض، خصوصا أن الأخير لديه الأغلبية البرلمانية وربما يقيله من منصبه، لذلك يحاول رئيس الوزراء أن يكون توفيقيا لحين إيجاد الفرص المناسبة".

اظهار أخبار متعلقة


"التقييد والسيطرة"
وفي السياق ذاته، قال كاظم ياور الباحث العراقي في السياسات الإستراتيجية، إن "الكتل السياسية القابضة على السلطة تحاول العمل وفق إستراتيجية التقييد والسيطرة على أي شخصية تتولى رئاسة الحكومة، كونه المنصب التنفيذي الأول الذي يتحكم بجميع مؤسسات الدولة".

وأضاف ياور لـ"عربي21" أن "قوى الإطار التنسيقي لا تريد أن يتكرر في الانتخابات البرلمانية المقبلة، ما حصل في مجالس المحافظات من فوز قوائم شكّلها المحافظون بالبصرة وكربلاء وواسط بمعزل عن الإطار، واستطاعوا الحصول على منصب المحافظ فيها مرة ثانية".

وتابع: "ما حصل في انتخابات مجالس المحافظات أخاف رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، وزعيم تحالف الفتح هادي العامري، وآخرين، من أن يكون هناك تفلت عن إستراتيجية التقييد والسيطرة التي تُطبّق على رئيس الوزراء، محمد شياع السوداني".

وأشار إلى أن "جميع المعطيات تؤكد أن السوداني بات لديه العديد من الميزات تميّزه عن باقي القادة التقليديين داخل الإطار التنسيقي، وخصوصا نوري المالكي وهادي العامري، لذلك هم يتخوفون من مشاركته في الانتخابات البرلمانية المقبلة".

وذكر ياور أن "السوداني من الممكن أن ينسّق العمل مع المحافظين الذين فازوا بالانتخابات المحلية بعيدا عن الإطار التنسيقي، ويسعى إلى أن يكون له حضور في المحافظات ذات الغالبية السنية من خلال حل مشكلاتها".

ورأى الباحث أن "موضوع تغيير قانون الانتخابات يأتي في سياق ضغوطات تمارسها أطراف في الإطار على السوداني، إذ يسعى منافسوه للإطاحة به بشتى الطرق قبل الانتخابات، وربما يستخدمون خلال الأيام المقبلة أوراقا أخرى غير القانون الانتخابي".

وعلى الوتيرة ذاتها، قال أحمد العلواني المحلل السياسي العراقي، المقيم في برلين، لـ"عربي21" إن "الإطار التنسيقي يشهد حالة من الانشقاقات، وأن المالكي يخشى أن يستخدم السوداني منصبه لكسب شخصيات بارزة داخل المجتمع، وأخرى سياسية لمنافسته في الانتخابات".

وبيّن العلواني أن "السوداني لديه علاقات جيدة مع أطراف داخل الإطار منها حيدر العبادي رئيس تحالف النصر، وعمار الحكيم زعيم تيار الحكمة، وهناك تحالف غير معلن بينهم من أجل عزل المالكي، وتسمية رئيس الوزراء الحالي لولاية ثانية، مقابل حصولهم على مناصب حكومية".

وأكد الخبير العراقي، أن "السوداني أعطى ضمانات لأطراف داخل الإطار التنسيقي بأنه سيحفظ لهم مناصبهم في حال وقفوا معه خلال المرحلة المقبلة، لذلك خرج المالكي في الإعلام وتحدث عن ضرورة استقالة أي شخص يتولى منصبا تنفيذيا قبل الانتخابات".

ولفت إلى أن "المالكي لا يستطيع إجبار السوداني على الاستقالة، من خلال تمرير قانون جديد ينص على ذلك، إلا في حال وافقت بقية أطراف الإطار التنسيقي على محاصرة السوداني وإبقائه وحيدا".

وبحسب العلواني، فإن "وزراء كتلتي دولة القانون والفتح في حكومة السوداني يعرقلون قرارات الأخير لإحراجه مع حلفائه المحتملين من السنة والأكراد، إذ تعيق طيف سامي وزيرة المالية- بتوجيه من المالكي- وصول المستحقات المالية إلى إقليم كردستان".
التعليقات (0)