كتاب عربي 21

مش أحسن ما نبقى زي مصر

محمد طلبة رضوان
1300x600
1300x600
-الإخواني المصري: لا تعايرني ولا أعايرك .. الهم طايلني وطايلك
-النهضاوي التونسي: غير صحيح يا عزيزي، ما لديكم ليس هما، وإنما كارثة، أما همومنا نحن فهي طبيعية، هموم الديموقراطية، والمنافسة، والمزاج العلماني العام في تونس الذي نحاول بجدنا واجتهادنا أن نغيره لصالحنا، همومنا على أرضية صراع ديموقراطي شريف، أما أنتم فلديكم من المجازر والمذابح والمرارات الطائفية ما سيحتاج إلى مئة عام كي تتجاوزوه .. الله معكم.

-ومن قال إنكم بمعزل عن هذا، رضختم للعلمانيين، لم تنافسوا بقوة، لم تسيطروا، ها هم قد ركبوكم وسيسيلوا من دمائكم أنهارا، العلمانيون متى تحكموا غدروا وخانوا ولا حل معهم سوى المغالبة، والسيطرة، والقوة.

-الثورة التونسية غيرت في الناس، في المواطن التونسي، ذلك الذي عرف الحرية وذاقها وائتنس بها، ولن يرضى عن قواعدها بديلا.

-يوم أن ترفع البندقية، لن تسمع منهم أحدا، الكل سيدخل المخابيء، ولن يناضل إلا التيار الإسلامي كالعادة، ولن يدفع الدم سواهم، سيزايد عليكم رفاقكم، سيترككم من اشتريتم ودهم بتقصيركم في حق أنفسكم، سوف يكون في تونس ألف رابعة العدوية والنهضة، ومئات العمليات الإرهابية التي سيرتكبها النظام وأجهزته وينسبها لكم، ستحاسبون على المشاريب كلها .. ابقى تعالى قابلني.

-يا سيدي، أنا لا ادافع عن "نداء تونس"، وأعرف جيدا أن الدولة العميقة في تونس أفسدت عملنا، وتسببت في خسارة نسبية في الانتخابات، بالإضافة إلى الدور المخجل للإعلام الفلولي، الذي لا يختلف عن إعلامكم بحال، إلا أن الفارق بيننا وبينكم ما زال كبيرا، نحن نعرف أن الدولة العميقة خصم لنا وللثورة، نعرف ذلك منذ البداية، ونحسب له حسابه، ولم ولن نتحالف معهم على حساب الثورة، ولم ولن نقول عليهم أنهم كانوا في القلب من ثورة تونس، أو نكرمهم، أو نأمن لهم، ونعطيهم ظهورنا، نحن أكثر يقظة يا صديقي .. لا تؤاخذني.

-أنت تخلط بين الاستراتيجية والتوجهات، لكن لا بأس، أنتم لم تفعلوا كل هذا، واشتريتم ود خصومكم إلى أبعد حد، وانبطحتم أمامهم، ومع ذلك، ما هو رأي بقية الفصائل الثورية التونسية فيكم؟ هو نفسه رأي بقية الفصائل الثورية هنا فينا: يقولون عنكم أنه لا أمان لكم، رغم كل ما قدمتموه لثورتكم، يقولون أنكم متطرفون، ورجعيون، وبعضهم يرميكم بالظلامية، ويشككون في أفكاركم ومقترحاتكم من أجل الشراكة والحرية .. لا يختلف الأمر بالنسبة لسمعتكم في تونس ومصر، ولم يكن ليختلف هنا أيضا لو أضأنا لهم أصابعنا العشرة، العلمانيون هم العلمانيون يا صديقي، جحود، وإنكار، وكذب، وتدليس، أقل من يشتغل، وأكثر من يتكلم ويزايد، وأول من يركب الثورات ثم يتهم الآخرين بركوبها.

-شف يا عزيزي، المعارضة العلمانية هنا تستثمر وقائع وملابسات سياسية قديمة، عمرها أكثر من 30 عاما، ومنها مثلا قبول بعض الإسلاميين بالتنسيق مع بن علي، ولم يشفع لديهم في ذلك أي شيء، رغم تنسيق الكثيرين منهم مع بن علي أيضا، إلا أنهم ينتظرون من الإسلاميين دائما أن يكونوا مثاليين على مستوى الخطاب وعلى مستوى الفعل السياسي، ونحن لا ننكر عليهم مخاوفهم، وإن بدت مبالغا فيها، نحن نحاول تجاوزها، والعمل معا، قمنا بذلك في الثورة، ونكمل ما بدأناه في السياسة، ثمة من يقتنع بأن التيار الإسلامي يتغير ويجدد نفسه، ويتطور، وثمة من هو جامد في مكانه، ساكن في تصوراته، لا يرى إلا ما وجد عليه آباءه، لا يقرأ ولا يسمع ولا يبصر إلا عنهم وبأعينهم، هو حر، ونحن أحرار، والفيصل في القول والفعل والممارسة السياسية هو الصندوق، هو حكم الناس.

-الناس اختارت الفلول

-الناس لم تختر الفلول .. الناس انقسموا بيننا وبينهم، ورجحت كفتهم قليلا، والصراع السياسي ما زال قائما، وهذا يحدث في كل الثورات، ولو راجعت تجربة جورجيا ستعلم أن الثوار لم يحسموا المسألة لصالحهم إلا بعد عدة سنوات، كانت الانتخابات تأتي فيها بالفلول أيضا، لكنهم كانوا يزاحمون، ويحاولون، وينجحون نجاحات جزئية سرعان ما تحولت إلى نجاحات باهرة، ونحن على الطريق.

-وما هي خطوتكم المقبلة؟

-الانتخابات البلدية؟

-وهل تظن أنهم سيتركونكم؟

-بالطبع لا .. سيعملون بكل السبل لمنعنا منها

-إذن ما الفائدة؟

-دائما هناك فائدة، هم سيعملون بكل طاقتهم، ونحن بدورنا سنعمل بكل طاقتنا، سننافس، بقوة، وسندعو الآخرين للمنافسة، وسنقدم كل ما بوسعنا كي تنتزع الثورة هذه الانتخابات منهم، القصة ليست حزب النهضة، القصة هي ثورة تونس في مواجهة فلول بن علي، وإذا كان بعض اليوم لهم فإن كل الغد للثورة يا صديقي ولكن بالعمل.

-لست متفائلا مثلك .. أنا أتحدث عن خبرة لقد واجهناهم قبلكم، ودفعنا الثمن مبكرا، أما أنتم فلم تفعلوا شيئا بكل تنازلاتكم إلا تأجيل المواجهة.

-يا أخي نحن لا نراها تنازلات، إنما وعي وتدبير وفهم لطبيعة المرحلة، ولذلك مهما حدث لن نندم عليها، إنما فعلناها لبلادنا ولثورتنا، لا نريد بها إلا وجه الحق، أما تشاؤمك فأنا أقدره، لكنني لست مضطرا له، أنتم أردتم كل شيء فخسرتم كل شي، أما نحن فأردنا أن نكون جزء من أوطاننا، فإن خسرنا سنخسر ما أردناه، وتظل الأوطان، وإن كسبنا فسنكسب ما أردناه، وتظل الأوطان.

-هذا خطاب ساذج ورومانسي، أنتم منسحقون تماما أمام خصوم المشروع الإسلامي.

-هذا غير صحيح، ومع ذلك سأفترض صحته، وأقول لك بالمصري الفصيح، فقد تعودنا أن نستفيد من تجاربكم، نحن منسحقون أمام شركائنا في الوطن، فليكن، "مش أحسن ما نبقى زي مصر".
التعليقات (1)
أبو همام
الأربعاء، 29-10-2014 12:57 م
على الأقل لم تمنح التجربة المصرية النظام القديم الشرعية عبر صندوق الانتخابات .. إذا لم تستطع رؤية التشابه بين التجربتين اللتين خضع فيهما الإخوان للاشتراطات الغربية ولعبوا ضمن هامش الدولة العميقة فهذه مشكلة .. ولكن كان لانحراف المسار المصري آخر .. ولم يمنح الحزب الوطني شرعية الصندوق .. بل هو الآن نظام انقلاب .. بينما بن علي ونظامه عادوا بالصندوق .. ثمّ إنه من السلطوية ان تمارس دور من تخالفه الرأي .. كنت سأدير الحوار بشكل آخر .. لا تزعم أنك تمثل وجهة النظر الأخر.