سياسة عربية

عشرات المسيرات المناهضة للانقلاب بمصر رغم القمع

رفع مؤيدو الانقلاب أعلام السعودية
رفع مؤيدو الانقلاب أعلام السعودية
خرج عدد من المعارضين للانقلاب العسكري في مصر، الإثنين، في عشرات المسيرات الاحتجاجية بعدة محافظات مصرية، وسط تفاعل شعبي كبير، رفضا لاتفاقية ترسيم الحدود التي تقضي بتنازل مصر عن جزيرتي تيران وصنافير للمملكة العربية السعودية، ومطالبة بإسقاط حكم العسكر، وذلك استجابة لدعوات الكثير من القوى الثورية والسياسية المختلفة.

واحتشدت قوات الأمن بأعداد كبيرة في الميادين الرئيسية في القاهرة ومختلف المحافظات، واستعانت ببعض من يوصفون بـ"البلطجية"، وقامت باستخدام قنابل الغاز المسيل للدموع وطلقات الخراطيش لفض التظاهرات.

ومنعت قوات الأمن اقتراب المتظاهرين من أي ميدان أو مكان حيوي، وشنت حملات اعتقال عشوائية، ما أسفر عن اعتقال أكثر من 130 شخص حتى الآن، بحسب مصادر حقوقية وشهود عيان، كما حلقت طائرات حربية في سماء محافظة الجيزة.

تحالف دعم الشرعية

من جهته وجه التحالف الوطني لدعم الشرعية ورفض الانقلاب في مصر التحية للثوار الذين فاجؤوا أجهزة السيسي القمعية، بمظاهرات ووقفات صباحية، قبل بدء الموعد الرسمي المحدد للمظاهرات في القاهرة، ومن تلك المحافظات: الجيزة والإسكندرية والقليوبية والمنوفية والشرقية وكفر الشيخ.

وقال - في بيان له ظهر الإثنين-: "تحية لمن لم يرهبهم بطش النظام الفاشل، ولا انتشار قواته، هؤلاء الأبطال الذين لا يزالون يحملون روح يناير، والذين حملوا جثامين زملائهم وأصدقائهم على أكتافهم في ميادين الحرية من قبل لا يمكن أن تخيفهم قوات هنا أو هناك".

وأكد أن "رعب أجهزة السيسي بدا واضحا اليوم في غلق مبكر لميادين وأماكن التحرك الثوري، ولكننا وكل الأحرار مصممون على التحرك في يوم غضب لتستعيد مصر كرامتها والمصريون حقوقهم، ونتحدى السيسي الجبان أن يفتح ميادين الغضب وفي القلب منها ميدان التحرير".

ووجه نداء للشعب، قائلا: "فلتلحقوا بثورة الغضب لإنقاذ وطنكم من حكم فاشل، لم يجلب لكم سوى الغلاء والبلاء والبطالة والفقر، رغم حصوله على عشرات المليارات من الدولارات من الخليج التي لم يصل للشعب منها شيء، هذا يوم من أيام استرداد حريتكم وكرامتكم التي سلبها هذا الحكم الفاشي، هذا يوم لإنقاذ أبنائكم وإخوانكم السجناء والمشردين والمطاردين، هذا يوم لاسترداد الاستقرار الحقيقي لمصر الذي يجلب الاستثمارات ويعيد السياحة ويوقف تدهور الجنيه".

كما وجه التحالف نداء إلى الجيش، قائلا إن "السيسي يحاول توريطكم مجددا في دماء أهلكم من المصريين فلا تطيعوه، وانحازوا إلى شعبكم وأهلكم فهم الباقون والسيسي زائل، دافعوا عن وطنكم وعن جزر مصر (تيران وصنافير) التي باعها السيسي بثمن بخس نظير بقائه في السلطة على أشلاء الوطن، واعلموا أن الشباب في الشوارع حبا في مصر، وحريتهم وحياتهم مسؤوليتكم طالما تؤمنون المنشآت الحيوية والميادين".

كما وجه رسالة إلى القوى الدولية التي وصفها بالمتحفزة، قائلا: "لا نقبل تدخلكم، وكل ما نطلبه منكم هو رفع غطائكم عن السيسي وعصابته، وأمن واستقرار المنطقة في دعم مطالب وحقوق الشعوب، وليس دعم مستبديها".

وشدّد التحالف على أن الهدف هو إنقاذ مصر، وأنهم يرفعون شعار "ارحل" للسيسي الذي وصفوه بالمذعور، مضيفا: "نرفض التنازل عن تيران وصنافير، نرفض الاعتقالات والغلاء والاقتصاد المنهار، ونرفض إذلال العمال وشعب مصر، كما نرفض إجرام الداخلية، ونريد وطنا للجميع".

واستطرد قائلا:" لا نراهن على انقلاب جديد ولا تدخل غربي، نراهن على الله وإرادة المصريين، سنحمي الأرض والعرض، ولا تراجع عن مطالب ثورة يناير، اتحدوا وابتعدوا عن الشعارات الحزبية، فلنرفع شعار "ارحل" و"مصر مش للبيع"، "الشعب يريد إنقاذ البلاد"".

وتابع: "فليتحرك العمال، والموظفون، والطلاب، والنشطاء، والشباب، وكل مخلص لهذا الوطن، وقد حان للعالم أن يسمع صوت مصر الغاضب الذي يحفظ على الوطن ويحميه، وليتابع الإعلام النزيه هذا الغضب المشروع، وليكف الإعلام المنافق عن بث السموم والأكاذيب".

واختتم بقوله: "أيها المصريون، إن لم يكن هذا اليوم الأخير في عمر نظام السيسي الفاشل، فأنتم بدأتم الطريق بهذا الغضب الذي جعل نظاما خائفا مرتعشا، فاستعدوا لما هو آت ولا تيأسوا، لقد فعلتم ما يسجله التاريخ بأحرف من عزة أمام نظام فاشي نازي لا يؤمن إلا بالدماء، استعدوا لما هو آت ولتستعد الحشود للزحف نحو القاهرة".

الأمن يتحرش بنقابة الصحفيين

ومنعت قوات الأمن عضو مجلس نقابة الصحفيين السابق الكاتب الصحفي محمد عبد القدوس من دخول مقر النقابة اليوم الإثنين.

وأكد "عبد القدوس" أن قوات الأمن منعته من دخول مقر نقابة الصحفيين بعدما فحصت بطاقته الشخصية، وقالوا له: "ممنوع دخول الصحفيين ومفيش استثناءات.. محدش هيدخل النهاردة".

وأدانت نقابة الصحفيين محاولات التحرش بها التي استمرت طوال اليوم من قبل مجموعة من مؤيدي النظام في حماية الأمن، مؤكدة أنها تعرضت خلال اليوم لعدة محاولات لاقتحامها من قبل أشخاص يرتدون زي الأمن المركزي ومتظاهرين جاؤوا محمولين في سيارات وسمح لهم بعبور الكردونات الأمنية، فيما يقوم الأمن بمنع الصحفيين من الوصول لمبنى نقابتهم واعتقال أي معارضين بمحيط وسط البلد.

وحملت النقابة – في بيان لها اليوم- نظام السيسي وأجهزته الأمنية مسؤولية أي مخاطر تتعرض لها النقابة، كما تحملها مسؤولية الاعتداء على الزملاء الذين يتم منعهم من الوصول لمقر نقابتهم للالتجاء إليها أو لإتمام أعمالهم.

وأكدت نقابة الصحفيين أنها ستتصدى قانونيا لمحاولات الاعتداء عليها وتدعو النيابة العامة للتحقيق في الانتهاكات التي تعرض لها الصحفيين، وكذلك الاعتداءات على مبنى النقابة.
 
 وقالت صفحة "الحرية للجدعان" على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" إن قوات الأمن، ألقت القبض على اثنين من الصحفيين الأجانب في محيط منطقة ناهيا.

وأضافت الصفحة، أن الصحفيين هم، الصحفي بالأهرام ويكلي الدنماركي شتيفن سيجورد فايتشيرت، وصحفي آخر حر وهو النرويجي هارالد كريستيان هوف.

من جهتها أكدت حركة شباب 6 أبريل أن قوات الأمن قامت بإلقاء القبض على أربعة من أعضاء الحركة هم، محمد العربي، وحمدي قشطة، ومحمود سامي، ومحمد ناجي، وذلك بعد فض مسيرة ناهيا في محافظة الجيزة بقنابل الغاز وطلقات الخرطوش. 

وحاصرت قوات الأمن مقر حزب الكرامة في حي الدقي بالجيزة وقامت بإغلاق الباب الرئيسي للبناية التي يوجد بها المقر.

الانقلاب يرفع علم السعودية

وسمحت قوات الأمن بتجمع عدد قليل من مؤيدي رئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي أمام نقابة الصحفيين وفي شارع طلعت حرب، وأذاعوا أغاني "تسلم الأيادي" و"بشرة خير"، ورفع بعضهم أعلام السعودية للتأكيد على ملكيتها للجزر، ورقص أنصار السيسي على أنغام تلك الأغاني، وارتدوا قمصانا عليها صور السيسي، واحتفلوا بحرية تامة وسط حماية قوات الأمن.

تضييق واعتقالات

رصدت غرفة عمليات "التنسيقية المصرية للحقوق والحريات" اعتقال 133 شخصا من بينهم 11 صحفيا و14 سيدة وفتاة حتى عصر الاثنين، واحتلت القاهرة النصيب الأكبر في عدد الاعتقالات، حيث تركزت في مناطق وسط البلد والتحرير وأمام نقابة الصحفيين، وبلغت نحو 46 مواطنا.

وبلغت الاعتقالات في محافظة الشرقية 26 مواطنا أكثرهم من العمال، حيث كانت قوات الأمن قد اعتقلت أمس ليلا 20 من العاملين بشركة مصر السعودية للبويات بالعاشر من رمضان، منهم أربعة من قرية حفنا بلبيس، كما اعتقلت اثنين من مدينة ديرب نجم، ولا يعرف مكانهم جميعا حتى الآن أو أسباب الاعتقال.

واحتلت محافظة الجيزة، بحسب بيان التنسيقية الإثنين، المرتبة الثالثة بواقع 18 حالة اعتقال أغلبهم من محيط منطقة مترو البحوث وبولاق الدكرور، وفي الاسكندرية بلغت حالات الاعتقال 13، ثم في سوهاج 7 حالات اعتقال، وفي القليوبية اعتقال 5 أشخاص، ثم دمياط 4 حالات اعتقال لشباب من أحد المقاهي، ومثلها 4 حالات في الغربية، ثم 3 في البحيرة، و 2 في المنوفية، و2 في بني سويف.

من جهة أخرى عانت ست محافظات على الأقل من الحصار والتشديد الأمني الشديد، خاصة بالقاهرة وفي محيط وسط البلد ونقابة الصحفيين، كما تم غلق محطة مترو السادات منذ مساء أمس، هذا بخلاف التعامل الأمني العنيف مع العديد من التظاهرات والمسيرات السلمية وفضها بالقوة.

كما رصدت غرفة عمليات المرصد العربي لحرية الإعلام قيام سلطات الأمن المصرية باحتجاز والاعتداء على 16 صحفيا مصريا وأجنبيا معظمهم في منطقة وسط القاهرة المحيطة بنقابة الصحفيين وميدان التحرير حتى الساعة الخامسة بتوقيت القاهرة، كما منعت السلطات الأمنية أطقم بعض القنوات الأجنبية من دخول ميدان التحرير كما حدث مع طاقم قناة "بي بي سي"، ومن بين الصحفيين الأجانب نرويجي والثاني دنماركي.

وحاول بعض المواطنين المتعاونين مع الشرطة اقتحام مقر نقابة الصحفيين وسط القاهرة في حماية الأمن، وهو ما استنكرته النقابة مطالبة الشرطة بحمايتها، فيما أدان المرصد العربي لحرية الإعلام محاولة الاقتحام.

وإلى جانب محمد عبد القدوس وكيل نقابة الصحفيين السابق وعضو المجلس القومي لحقوق الإنسان الذي منعته قوات الشرطة من دخول مبنى نقابة الصحفيين، فقد شملت قائمة الاحتجاز والاعتداءات كلا من عاصم محمد (جورنال مصر) بشارع البحر الأعظم  الذي تم احتجازه داخل إحدى سيارات الشرطة قبل أن تطلق الشرطة سراحه، والصحفية بسمة مصطفى بموقع "البداية" أثناء سيرها في ميدان التحرير وسط القاهرة، حيث تم احتجازها داخل إحدى عربات الترحيلات وتم إطلاق سراحها من معسكرات الجبل الأصفر مع المصور الصحفي محمد الصاوي بموقع دوت مصر الذي استوقفته الشرطة بميدان التحرير وأطلقت سراحه من معسكرات الجبل الأصفر.

وطالت التوقيفات أيضا مصطفى رضا مدير موقع الطريق بشارع طلعت حرب، أثناء توجهه إلى مقر عمله بشارع محمد محمود المتفرع من ميدان التحرير وأطلقت سراحه بعد ساعتين من الاحتجاز بمدينة نصر.

وألقت قوات الأمن القبض على مجدي عمارة المحرر بجريدة الجيل من محيط نقابة الصحفيين، ثم أطلقت سراحه بعد تفتيشه مع الصحفي محمد الشماع الذي استوقفته أثناء محاولته الدخول إلى نقابة الصحفيين.

كما احتجزت الشرطة تحسين بكر وفؤاد الجرنوسي المصورين بجريدة المصري اليوم على مشارف ميدان التحرير وقامت بتفتيشهما ذاتيا وأطلقت سراحهما بعد فترة احتجاز.

واحتجزت قوات الأمن محمود صبري معد ومونتير من مقهى قاصد كريم أمام مترو البحوث واقتادته إلى قسم الدقي ولم يتم الانفراج عنه حتى الآن، فيما احتجزت مراسلة صحفية تدعى تقوى من محطة مترو السيدة زينب ولم يعرف مصيرهما، وشملت الاحتجاز كل من الصحفيين محمد عدلي وعبد الرحمن مطر، وأحمد رفاعي،  ومحمد سامي.

وطالب المرصد العربي لحرية الإعلام بإطلاق سراح الصحفيين المحتجزين والسماح لهم بأداء عملهم بحرية في تغطية تظاهرات الخامس والعشرين من نيسان/ أبريل.

وقالت "مؤسسة عدالة لحقوق الإنسان – JHR" إنها رصدت انتشارا مكثفا لقوات الأمن بكافة المناطق التي أُعلن عن بدء تحرك المظاهرات منها، وعلى الأخص محيط ميدان التحرير، والقصر العيني، وطلعت حرب، ونقابة الصحفيين، ونقابة الأطباء، وتم غلق محطة مترو أنفاق السادات المؤدي إلى ميدان التحرير.

وأكدت – في بيان لها الإثنين- أن قوات الأمن المصرية قامت بحملة اعتقالات عشوائية لكثير من المواطنين والصحفيين والمراسلين والنشطاء السياسيين وصل عددهم لقرابة المائة حالة اعتقال.

وأشارت إلى أنه تم اعتقال عدد من أعضاء بالحزب المصري الديمقراطي من أمام دار الحكمة بالقاهرة، وهم: جوزيف سعيد النجار، ياسر بدر منصور، عبد الرحمن عادل لطفي، محمد صلاح علي، هيثم عبد الموجود جابر، وكذلك تم اعتقال القيادي بحركة 6 أبريل الجبهة الديمقراطية حمدي قشطة، لافتا إلى أنه تمت محاصرة الأمن لمقر حزب الكرامة بوسط البلد، لمنع خروج تظاهرات.

وأكدت مؤسسة عدالة أنه تم إحراق مدرعة شرطة بمنطقة المطرية بالقاهرة من قبل متظاهرين، مضيفا بأن تم القبض عشوائيا على عدد من متظاهرين محافظات البحيرة والشرقية والغربية وبني سويف، وجار رصدهم، وسيذكرون في البيان الختامي مساء اليوم.

وفي منطقة سيناء، رصدت "مؤسسة عدالة" قصف طائرات "F-16" الحربية لمناطق بجنوب الشيخ زويد ورفح، وقيام قوات الجيش، بحملة أمنية موسعة على مناطق بحي المساعيد بمدينة العريش بمحافظة شمال سيناء، واعتقالات عشوائية، كما قامت قوات الجيش المصري بكمين السدرة بمحافظة شمال سيناء، قصفت بالمدفعية منزل المواطن جمال أبو عكر، وقصف الديوان.
التعليقات (0)