سياسة دولية

تعرف على أكبر ضحايا وعد بلفور "المشؤوم"

بريطانيا رفضت الاعتذار عن إصدار وعد بلفور- أرشيفية

ما زالت تبعات صدور "وعد بلفور" تُلقي بظلالها "الكارثية" على الفلسطينيين وتضربَ مفاصل حياتهم، بالرغم من مرور مئة عام عليه.

 

وتعتبر فئة "اللاجئين" الفلسطينيين، الذين هُجّروا من أراضيهم عام 1948، عقب إعلان دولة "إسرائيل"، أكبر ضحايا ذلك الوعد، وأكثر الفئات تضررا. 


و"وعد بلفور"، هو الاسم الشائع المطلق على الرسالة التي بعثها وزير الخارجية البريطاني، آرثر جيمس بلفور، في 2 تشرين الثاني/ نوفمبر 1917، إلى اللورد (اليهودي) ليونيل وولتر دي روتشيلد، يشير فيها إلى أن حكومته ستبذل غاية جهدها لإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين.

ورغم مطالبة الفلسطينيين لبريطانيا، بالاعتذار عن إصدار وعد بلفور، والاعتراف بالدولة الفلسطينية، وإدانة الاحتلال الإسرائيلي، إلا أنها رفضت ذلك. 

 

اقرأ أيضا: مركز "العودة" يطلق حملة لإلغاء احتفالية بوعد بلفور ببريطانيا

وأعلنت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، في 25 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، أن بريطانيا ستحتفل "بفخر"، بالذكرى المئوية لصدور "وعد بلفور". 

وقالت "ماي"، أثناء الرد على الأسئلة خلال جلسة لمجلس العموم البريطاني (الغرفة السفلى للبرلمان): "إننا نشعر بالفخر من الدور الذي لعبناه في إقامة دولة "إسرائيل"، ونحن بالتأكيد سنحتفل بهذه الذكرى المئوية بفخر". 


ولم تتوقف مأساة تشريد آلاف الفلسطينيين من أراضيهم منتصف القرن الماضي، بعد، وما زال غالبيتهم يعيشون داخل مخيمات، منذ نحو 69 عاما، وسط ظروف معيشية قاسية. 

وفي عام 1948 هجّرت عصابات صهيونية مسلحة نحو 957 ألف فلسطيني من قراهم ومدنهم في فلسطين التاريخية، وأعلنت قيام دولة إسرائيل في 14 أيار/ مايو من ذلك العام. 

وارتفع عدد اللاجئين الفلسطينيين ليصل إلى 5.9 مليون نسمة، بحسب الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني (حكومي)، مسجل منهم رسميا لدى وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) قرابة 5.3 مليون لاجئ. 

وهؤلاء اللاجئون هم 1.528 مليون يعيشون في 61 مخيما بغزة والضفة ولبنان والأردن وسوريا. أما الباقون، وهم 3.8 مليون لاجئ، فهم منتشرون في أرجاء العالم، لا يعيشون في مخيمات. 

وبحسب المنظمة الدولية؛ فإن قرابة 1.3 مليون لاجئ يتواجدون في قطاع غزة، و914 ألفا في الضفة الغربية، و447 ألفا في لبنان، و2.1 مليون في الأردن، و500 ألف في سوريا. 

وهناك لاجئون غير مسجلين في منظمة أونروا، الدولية، كونها تعتمد في أرقامها على معلومات يتقدم بها اللاجئون طواعية. 

 

اقرأ أيضا: ميدل إيست آي: مسؤولة عمالية بارزة تطالب بالاعتراف بفلسطين

ويبلغ عدد الفلسطينيين حول العالم، وفق إحصاءات رسمية، نحو 12.4 مليون نسمة؛ وهو ما يعني أن حوالي نصفهم من اللاجئين. 

وتتلاصق منازل اللاجئين الفلسطينيين داخل المخيمات التي أقيمت على أراضٍ فلسطينية أو في دول عربية (سوريا، الأردن، لبنان) استقبلت العائلات التي هُجّرت من أراضيها إبان تلك الأحداث. 

ومع مرور السنوات، لم تشهد مخيمات اللجوء، التي شيّدتها منظمة الأمم المتحدة منذ عام 1948، أي زيادة في المساحة الأصلية رغم الاكتظاظ السكاني فيها. 

وفي قطاع غزة، يعاني اللاجئون الفلسطينيون داخل مخيماتهم الثمانية، من أوضاع إنسانية مأساوية. 

وتأثرت كافة المخيمات بالحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة منذ عام 2006، وعانى اللاجئون من معدلات غير مسبوقة في الفقر والبطالة. 

وتقول الأمم المتحدة، إن "80% من سكان قطاع غزة (70% منهم لاجئون) باتوا يعتمدون -بسبب الفقر والبطالة- على المساعدات الدولية من أجل العيش". 

وبحسب وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين لـ"أونروا"، فإن 1.3 مليون لاجئ بغزة يستفيدون من خدمات الوكالة الأممية. 

وأما في الضفة الغربية، فتقول مها الحسيني، مديرة المرصد الأورومتوسطي في الأراضي الفلسطينية، إن "اللاجئين الفلسطينيين يعانون من ارتفاع في مستويات الفقر والبطالة بسبب القيود المفروضة عليهم في التنقل من وإلى المخيم". 

وتابعت الحسيني: "قوات الاحتلال الإسرائيلية في الضفة الغربية تمارس انتهاكات خطيرة، كالعنف الإداري والجسدي، بحق اللاجئين الفلسطينيين في الضفة". 

وأما في المخيمات التي تقع داخل الأراضي اللبنانية، فإن اللاجئين الفلسطينيين هناك يعانون من أوضاع إنسانية وقانونية تصفها الحسيني بأنها "غاية في السوء". 

وتقول: "يقع 80% من سكان تلك المخيمات تحت خط الفقر، نتيجةً للقيود المفروضة من قبل الحكومة على عمل اللاجئين بشكلٍ قانوني". 

وتحظر الحكومة اللبنانية على الفلسطينيين العمل في الكثير من المهن. 

وتذكر الحسيني أن تلك القيود تدفع بالعائلات الفلسطينية إلى سحب أبنائها من المدارس نحو سوق العمل هناك، لافتة إلى أن الأطفال اللاجئين يعملون في "مهن شاقة لساعات طويلة وبأجور قليلة". 

ويعاني اللاجئون الفلسطينيون في المخيمات اللبنانية من نقص في الخدمات الطبية والتعليمية المقدّمة من قبل السلطات اللبنانية، وفق الحسيني. 

ويعتمد نحو 95% من اللاجئين الفلسطينيين في لبنان على المساعدات المقدّمة من وكالة "أونروا"، بحسب المركز الأورومتوسطي. 

وأما في مخيمات اللجوء المقامة على الأراضي الأردنية، فإن معاناة اللاجئين الفلسطينيين تعتبر أقل نسبيا من معاناة نظرائهم في سوريا ولبنان والأراضي الفلسطينية، بحسب الحسيني. 

وتضيف: "تتمثل أبرز الانتهاكات التي يتعرض لها اللاجئون الفلسطينيون في الأردن بعدم منحهم المواطنة، خاصة في ما يتعلق بالفلسطينيين من قطاع غزة والمقدّر عددهم بنحو 100 ألف لاجئ". 

ويواجه اللاجئون الفلسطينيون في الأردن، وفق الحسيني، صعوبة في الحصول على الرعاية الصحيّة، وتقلّد الوظائف العامة، والإدماج في المجتمع، بسبب عدم منحهم المواطنة. 

وأما في المخيمات السورية، فقد عاش الفلسطينيون هناك، منذ بدء الصراع الداخلي عام 2011، أحداثا يصفها مراقبون سياسيون بـ"النكبة الجديدة" التي حلّت بهم؛ حيث أُدخلت مخيمات اللجوء ضمن دائرة الصراع. 

 

اقرأ أيضا: مسابقة عالمية لأفضل كاريكاتير عن وعد بلفور

واضطر الآلاف من الفلسطينيين في سوريا، لترك منازلهم داخل المخيمات، والهجرة إلى الخارج، هرباً من الظروف "المأساوية"، بحسب مجموعة "العمل من أجل فلسطينيي سوريا". 

وبحسب المجموعة، فإن الفلسطينيين في سوريا عاشوا ظروفا "كارثية" منذ بدء الصراع. 

ووفق أحدث إحصائيات المجموعة، فإن حوالي 3605 فلسطينيين قتلوا في سوريا، بينهم 462 سيدة، فيما توفي 200 لاجئ فلسطيني أغلبهم من مخيم "اليرموك"، نتيجة نقص التغذية والرعاية الطبية؛ بسبب الحصار الذي تفرضه قوات الجيش النظامي ومجموعات الجبهة الشعبية على المخيم لليوم الـ1567 على التوالي. 

وتقول المجموعة إن حوالي 85 ألف لاجئ فلسطيني وصلوا أوروبا حتّى نهاية عام 2016، فيما وصل الأراضي اللبنانية حوالي 31 ألف لاجئ فلسطيني، و17 ألف لاجئ هربوا من الأحداث إلى الأردن، و8 آلاف إلى تركيا، و6 آلاف في مصر، ونحو ألف فلسطيني من سوريا وصل قطاع غزة. 

ومجموعة العمل من أجل فلسطينيي سوريا، مقرها لندن، وانطلقت عام 2012، بمبادرة جماعية من شخصيات فلسطينية وعربية. 

وتتابع المجموعة الانتهاكات التي يتعرض لها فلسطينيو سوريا وتوثيقها، بحسب موقعها الرسمي على شبكة الإنترنت.