سياسة عربية

"فساد مخيف" يكشفه تقرير رقابي حكومي في الأردن

الأردن شهد قبل أشهر احتجاجات واسعة أطاحت بالحكومة بسبب الفساد- جيتي

أطباق طعام، ومكالمات هاتفية بالاف الدنانير، واختفاء طائرة شراعية لرش المبيدات الحشرية، وغيرها من التجاوزات بملايين الدنانير كشفها تقرير ديوان المحاسبة (جهة رقابية حكومية) لعام 2017، مما يعيد طرح سؤال لدى الشارع عن حجم الفساد في الأردن وكيف تدار البلاد؟

وكشف التقرير السنوي عن ممارسات لبعض المسؤولين الأردنيين على رأسها بهدر بالمال العام وصرف مكافآت بآلاف الدنانير، في ظل أزمة اقتصادية خانقة وفرض إجراءات اقتصادية تقشفية بحق المواطن الأردني، من بينها العديد من الضرائب والرسوم، وإلغاء الدعم عن الخبز.


ودفعت هذه التجاوزات نشطاء على شبكات التواصل الاجتماعي، وسياسيين، لمطالبة الحكومة بخطوات جادة في محاربة الفساد، والتوقف عن حماية الفاسدين بحجة "عدم اغتيال الشخصية"، وتكميم حرية التعبير من خلال قوانين تقيد الكتابة عبر شبكات التواصل الاجتماعي.


ويشعر أردنيون أن الفساد "بات مؤسسيا” في الأردن، بحيث يمكن تلمس الفساد، لكن في المقابل "لا يمكنك رؤية الفاسدين" مشككين في الوقت ذاته بتعهدات الحكومة بمحاربة الفساد.

ووصف الوزير السابق أمجد هزاع المجالي ما ورد في تقارير ديوان المحاسبة بـ"الفساد"،ورأى في حديث لـ"عربي21" أن "الدولة الأردنية لا تتجه لمحاربة الفاسدين، وخير دليل اضافة مصطلح اغتيال الشخصية على قانون هيئة النزاهة ومكافحة الفساد" معتبرا الهدف منه "التعمية على الفساد وإخلاء الساحة لمن يتفاخرون بفعله".

لجنة متابعة 


بدورها شكلت الحكومة الأردنية، لجنة لمتابعة ما ورد في التقرير من تجاوزات مالية وإدارية وقال رئيس الوزراء عمر الرزاز إن الحكومة ستأخذ بما ورد في تقرير ديوان المحاسبة بـ"جدية"، إلا أنها "خطوة غير كافية" كما يراها المحلل الاقتصادي سلامة الدرعاوي.

وقال الدرعاوي لـ"عربي21" إن "المطلوب إجابات شافية وواضحة لكل الأسئلة والملاحظات التي أُثيرت والتي يتم تداولها في الشّارع على اعتبار أنها شَكل من أشكال الفساد المالي والإداريّ".

وأضاف "فكما يتم الآن اتهام المؤسسات والمسؤولين بأنهم اهدَروا المال العام، فالنتيجة المنطقية لما يَحدُث هو التحقيق في تلك الاختلالات، ومن ثم مُحاكمة ومعاقبة من سوّلت له نفسه التلاعب بالمال العام، أو تبرأته إن كان هناك ما يثبت براءته وسلامة اجراءاته أو سلوك مؤسسته وعدم مخالفتها للقوانين".

ووفقا لذات التقرير كشف ديوان المحاسبة، لعام 2017، أن إجمالي قيمة الاعتداءات غير المحصلة، من المال العام، حتى نهاية العام الماضي، بلغت نحو مليار دينار.

ووفقا للتقرير، بلغت قيمة المبالغ غير المحصلة، من الاعتداءات على المال العام، 935 مليون دينار (1.317) مليار دولار.

بينما بلغ إجمالي عدد قضايا الاعتداء على المال العام، حتى نهاية العام الماضي، 8257 قضية، بلغت قيمتها الإجمالية، نحو 2.5 مليار دينار، منها 8170 قضية منظورة أمام القضاء، و87 قضية مفصولة.

توقيت غير بريء

إلا أن الكاتب والصحفي محمد عمر، يرى أن توقيت نشر اخبار من تقرير ديوان المحاسبة غير بريء،اذ لأول مرة يحظى التقرير بكل هذا الاهتمام وخاصة من وسائل الإعلام الرئيسية.

واعتبر عمر نشر التقرير تمهيدا لاستهداف القطاع العام، وقال لـ"عربي21"، إن "الخطوة القادمة بعد إقرار قانون ضريبة الدخل، وهو آخر رصاصة في جيب الحكومة لزيادة الإيرادات، هو تخفيض حجم القطاع العام كما يجري حاليا في مصر مثلا، حيث سيجري التخلص من نحو 2 مليون موظف".

وأضاف "يحظى الاردن باكبر حجم حكومة في العالم، بواقع 46% من الناتج المحلي الإجمالي، وهو جيش من البيروقراطية الجرار، نفقاته تزيد على 85% من الموازنة".

حديث عمر يأتي في وقت دعت فيه المديرة العامة لصندوقِ النقد الدولي كريستين لاغارد ، في فبراير الماضي الدول العربية لخفض رواتب القطاعِ العام والدعم الحكومي لضبطِ الإنفاق وتحقيقِ نمو قابل للاستمرارِ وخلق وظائف.

وكان رئيس الحكومة عمر الرزاز، تعهد إبان تسلمه منصبه في حزيران الماضي بإجراء إصلاحات سياسية واقتصادية، بعد أن أسقطت مسيرات غاضبة الحكومة التي سبقته على خلفية نهجها الاقتصادي، وتعهد الرزاز بفتح كل ملفات الفساد، إلا أن المواطن ما زال ينتظر أن يحقق الرزاز تعهداته بعد مرور 4 أشهر على توليه زمام الرئاسة.