اقتصاد عربي

هل تنقذ مبادرة البنك المركزي المصري ركود العقارات؟

المؤشر العقاري لموقع "عقار ماب" توقع تراجع الطلب على العقارات في مصر حتى بدايات العام المقبل 2020- جيتي

قال خبراء اقتصاديون ومصرفيون ومطورون عقاريون إن "مبادرة البنك المركزي المصري الجديدة بشأن التمويل العقاري تعزز ما حذروا منه مرارا من دخول قطاع العقارات حالة من الركود طويلة الأجل؛ نتيجة اضطرابات زيادة الأسعار، وزيادة استثمارات الجيش المصري فيه".

وأكدوا، في تصريحات لـ"عربي21"، أن "المبادرة تهدف إلى تحريك سوق العقارات الذي ارتفعت أسعار الوحدات السكنية فيه بقوة، وبشكل مطرد، نتيجة ما يسمى بالإصلاحات الاقتصادية القاسية خلال السنوات الثلاث الماضية".

ومطلع الشهر الجاري، أعلن البنك المركزي  المصري عن مبادرة التمويل العقاري الجديدة، والتي تصل قيمتها لـ50 مليار جنيه (3.1 مليارات دولار) بالتزامن مع صدور تقارير رسمية وخاصة تؤكد تراجع الطلب على العقارات، وانخفاض أسعار مواد البناء.

أرقام وإحصاءات

ونهاية تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، كشفت ‏وزارة ‏الإسكان  المصرية، في تقرير لها، عن ‏تراجع أسعار مواد البناء بنسب تتراوح بين 10% و37.6%، مقارنة بالعام الماضي؛ نتيجة الركود الذي يضرب السوق العقاري.

وارتفعت مساهمة سوق العقارات في إجمالي الناتج المحلي المصري إلى 16.4%، وساهم بنمو معدل الاقتصاد المحلي 15%، إضافة إلى أن نحو سبعين صناعة أخرى، ترتبط بطريقة مباشرة وغير مباشرة بها.

بيانات مقلقة وخسائر متوقعة

وتوقع المؤشر العقاري لموقع "عقار ماب" تراجع الطلب على العقارات في مصر حتى بدايات العام المقبل 2020، بالرغم من تقديم ‏الكثير من ‏شركات التطوير العقاري لعروض تنافسية.

وأظهرت بيانات المؤشر تراجع حجم الطلب ‏في صيف 2019، والذي يبدأ من أيار/ مايو وحتى آب/ أغسطس ‏بمعدل 12.7 في المائة، مقارنة بنفس الفترة من 2018.‏

 

اقرأ أيضا: "20 تريليون دولار" تكشف "جهل" السيسي بالاقتصاد.. هل يتراجع؟

وتكبدت مصانع الأسمنت خسائر باهظة. وأرجعت شركة السويس ‏للأسمنت ‏المملوكة ‏لـ"هايدلبرج ‏الألمانية"، في بيان لها، خسارتها نحو نصف مليار جنيه، ‏خلال ‏التسعة أشهر ‏الأولى ‏من 2019،‎ لحالة الركود التى تضرب السوق ‏العقاري، متوقعة استمرارها.‏

لماذا تضررت العقارات؟

وقلّل أستاذ تخطيط هندسة المدن بأمريكا، صفي الدين حامد، من أثر مبادرة التمويل الجديدة، قائلا: "لا أعتقد أن المبادرة ستنجح، لأنها ليست الأولى من نوعها، كما أنها ليست مُلزمة للبنوك، التي يتحفظ أغلبها على الدخول في القطاع، كونه يتأثر دائما بأول وأكبر سلبيات أي تراجع في الاقتصاد، وخاصة مع عدم توفر البنية القانونية والتشريعية اللازمة لضمان حق البنوك المقرضة".

وأشار إلى أن "تضرر العقارات، وفق الزميل الأخصائي بأحد بنوك واشنطن، شريف عثمان، يرجع بالأساس إلى تعامل المواطنين معها خلال الفترة الأخيرة باعتبارها دولارا أو مخزن آمن للقيمة، الأمر الذي أحدث ارتفاعا مبالغا فيه في الطلب عليها، يتأثر بأي نقص في السيولة في الأسواق، أو عند احتياج المشتري لاسترداد أمواله التي كان يدخرها في العقار".

وبشأن دور اقتحام الجيش لسوق العقارات وتأثيره بالسلب، رأى حامد أن "العلاقة بين تدخل الجيش المصري في قطاع العقارات وكساده، يمكن فهمها في إطار ما يدخل تحت بند زيادة المعروض بصورة كبيرة عن حجم الطلب الحقيقي، وربما يزيد من أثره ما سمعنا به من فساد، يسمح بتقدير الكثير من العقارات بأكثر من قيمها الحقيقية".

تخبط قطاع العقارات

وأرجع وكيل لجنة الإسكان بالبرلمان السابق، عزب مصطفى، دخول قطاع العقارات في حالة كساد إلى "آثار تعويم الجنيه قبل ثلاث سنوات، ومضاعفة أسعار السلع والخامات؛ واقتحام الجيش كمنافس؛ وبالتالي انعكس ذلك على أسعار العقارات، فارتفعت مثلا في مدينة 6 أكتوبر غرب القاهرة 130%، وكذالك ارتفاع سعر الفائدة إلى أكثر من 18% فتحول الاستثمار من العقار إلى الوادئع والشهادات".

واستبعد في حديثه لـ"عربي21"، "تحرك سوق العقارات بعد خفض الفائدة بنحو 4.25%؛ نتيجة انتقال الأموال من الودائع والشهادات إليها؛ بسبب حالة التخبط في السوق، حيث أن هناك ما يقرب من 50 مستثمرا يملكون أموالا ضخمه دخلو السوق العقاري دون دارية فأحدثوا إرباكا فيه لضعف خبرتهم".

وحذّر من استمرار إقحام الجيش نفسه كمطور ومستمثر عقاري كبير، ومنافس للقطاع الخاص، قائلا: "لقد تسبب وجوده (الجيش) كمنافس في إخراج الكثير من المستثمرين؛ بسبب عدم تكافؤ الفرص".

ورأى وكيل لجنة الإسكان السابق أن "المخرج هو وضع رؤية جديدة"، قائلا: "سوق العقار المصري في حاجة إلى فكر جديد يخرجه من ركوده، فما زالت المدن الجديدة نسبة الإشغال فيها لا تتجاوز 30%، وفتح مئات الآلاف من الوحدات السكنية المغلقة، وكثير من الأمثله نعجز عن حصرها لغياب دور الحكومة في إيجاد تشريعات وقوانين مناسبة".