مقابلات

"عشائر سوريا" لعربي21: على المعارضة مغادرة "الدستورية"

دعا الأسعد العشائر إلى التضافر لفرض وجودها وإرادتها على كل الأطراف السياسية- عربي21

دعا المتحدث باسم "مجلس القبائل والعشائر السورية"، مضر حماد الأسعد، قوى المعارضة إلى مغادرة اللجنة الدستورية، معتبرا أن النظام هو المستفيد من هذا المسار.

 

وفي حوار أجرته "عربي21"، قال الأسعد إن اهتمام الأطراف المحلية والدولية بالعشائر يرجع إلى كونها تشكل الكتلة الأكبر، بحسبه، من تركيبة المجتمع السوري، مؤكدا أن من يسيطر عليها يضمن السيطرة على الجغرافيا والكتلة البشرية.

ودعا الأسعد العشائر إلى التضافر لفرض وجودها وإرادتها على كل الأطراف السياسية، وتحديدا في مناطق شرق سوريا الغنية بالثروات الباطنية.


وتاليا نص الحوار كاملا:



إلى أي درجة تأثرت العشائر السورية بما جرى في البلاد منذ نحو عقد، هل انقسمت في الولاء كما هو حال الشعب السوري، أم أنها حافظت على بعض الترابط؟

للإجابة على هذا السؤال، علينا الرجوع إلى تسلم حزب البعث للسلطة في سوريا، حيث بدأ نظام البعث منذ العام 1963 بالضغط على العشائر السورية، والعمل على تفتيتها، من خلال استحداث زعامات ومشيخات عشائرية، واستمر هذا الضغط وتصاعد مع قدوم حافظ الأسد إلى السلطة في العام 1970.


بدأ الأسد الأب بإبعاد عدد من شيوخ العشائر الذين رفضوا أن يقدموا الطاعة لنظامه، وفي المقابل بدأ بمحاباة الشيوخ الذين قدموا الطاعة، وعين عدداً منهم نواباً في "مجلس الشعب"، وبذلك ضمن الأسد السيطرة على العشائر من خلال تهميش وإبعاد بعض المشايخ، واستمالة البقية.


مع بداية الثورة السورية، وقفت كل العشائر التي تعرضت للاضطهاد زمن حكم الأسد وابنه، مع مطالب الثورة، بينما وقف المشايخ الذين صنعهم النظام والذين حصلوا على امتيازات ضد الثورة، وبالتالي انقسمت العشائر حالها حال الشعب السوري إلى قسم ثائر، وقسم مع النظام، وقسم صامت وهو الأغلبية.


أما عن الترابط، فقد حافظت عليه العشائر، بحيث لم نشهد صداماً عشائرياً بدوافع سياسية داخل العشيرة الواحدة، أو مع عشيرة أخرى.


هل ينطبق هذا الحال على الهرمية العشائرية، داخل العشيرة الواحدة، بقول آخر، هل تجد كلمات شيخ العشيرة أذناَ صاغية لدى أفراد عشيرته للآن، وإن كان في منطقة جغرافية بعيدة؟

لم يفقد الشيخ سلطته القوية على أفراد عشيرته في المرحلة التي تلت اندلاع الثورة، والبعض حافظ على سلطته.

 

يتضح أن العشائر السورية صارت محط أنظار كل الدول والأطراف الخارجية والمحلية الموجودة في الشأن السوري، ما وراء هذا الاهتمام، ولماذا؟

الاهتمام بالعشائر من الجميع، يعود لأن العشائر تشكل أكثر من 80 في المئة من تركيبة المجتمع السوري، إن كانت العشائر عربية أو كردية أو تركمانية أو سريانية (مسيحية).


وعلى ذلك، يتضح أن من يسيطر على العشائر يضمن السيطرة على الجغرافيا السورية، والكتلة البشرية.

تصاعدت مؤخراً عمليات استهداف وجهاء العشائر، في دير الزور والرقة وغيرها، ما هي الجهات التي تقف خلف ذلك، ولمصلحة من يتم تغييب وجهاء العشائر؟

كل الأطراف السياسية المحلية والخارجية تمارس مع العشائر الترغيب والترهيب، الترغيب بالمال والسطوة والاحتواء، والترهيب بالاعتقالات والاغتيال.


في شرق سوريا المتهم الأبرز باستهداف وجهاء العشائر هو حزب "الاتحاد الديمقراطي" الكردي، ومن ثم إيران والنظام السوري.

 

المشايخ الذين تعرضوا للاغتيال، كانوا حجرة عثرة في وجه مشاريع تلك الأطراف، بعبارة أخرى، تقوم هذه الأطراف بتغييب كل من لا يخدم مشروعها، في حال فشلت سياسة الاحتواء، فعلى سبيل المثال قامت مليشيات "الاتحاد الديمقراطي" باغتيال الشيخ مطشر الهفل، وهو واحد من وجهاء قبيلة العكيدات، لأنه رفض سياساتها في المنطقة، وكذلك تقوم مليشيات إيران باغتيال كل شيخ يقف في وجه نشر التشيّع، في المقابل كل من لا يقف مع النظام يقوم الأخير باغتياله.

 

اقرأ أيضا: هل تنسحب معارضة سوريا من "اللجنة الدستورية

في دير الزور، زادت روسيا وإيران مؤخرا من اهتمامهما بعشائر المنطقة، وكذلك "قسد" وخلفها الولايات المتحدة، هل يعطي هذا التنافس على الاستقطاب العشائر فرصة لاستعادة حقوقها في المنطقة، ونتحدث هنا عن حقوق بالحصول على المشاركة بحكم المنطقة، والاستفادة من ثرواتها؟

الاهتمام بمحافظة دير الزور يعود لغناها بالثروات الباطنية (نفط، غاز، فوسفات، يورانيوم) والزراعية والحيوانية، فهي المنطقة الأغنى بالثروات عربياً، وتكاد تكون عالمياً، وهذا ما جعلها محط أنظار الجميع.


وكذلك أكسبها موقعها الجغرافي أهمية مضاعفة، لأنها تشكل صلة الوصل بين العراق وإيران من جهة، وسوريا ولبنان والبحر المتوسط من جهة أخرى، ولا بد لكل طرف يريد السيطرة على المحافظة أن يضمن ولاء سكانها وهم من العشائر العربية بنسبة 100 في المئة.


وجواباً على سؤالك، أرى أن العشائر لن تستطيع أن تُجير هذا التنافس لمصلحتها، إلا في حالة واحدة، وهي أن تتماسك مع بعضها، وتقوم بتشكيل قوة مسلحة عشائرية.

تشكيل هذه القوة بحاجة إلى دعم، ويتضح أن الولايات المتحدة متمسكة بقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، وإيران لديها من المليشيات ما يجعلها غير محتاجة لمثل هذه القوة، صحيح ذلك؟

صحيح، لكن يتواجد في دير الزور عشائر كبيرة، وهي قادرة لو تضافرت أن تفرض رؤيتها وإرادتها ووجودها بالقوة، بعيداً عن "قسد" والنظام ومليشيات إيران، ولو فعلت العشائر ذلك، لفرضت ذلك حتى على الولايات المتحدة و"التحالف الدولي".

عقدتم مؤخراً في مجلس القبائل والعشائر السورية مؤتمرا عاما في أعزاز، ما هي أهداف المؤتمر، وما هي مخرجاته، وهل كان بدعم تركي، وكيف تقيمون علاقتكم بتركيا؟

المؤتمر حضرته شخصيات من كل العشائر السورية، وهدف بالدرجة الأولى إلى دعم "الجيش الوطني"، وإظهار تكاتف الشعب السوري، ودعم السلم الأهلي بين مكونات المجتمع السوري، ورفض دعوات التفرقة الصادرة من "قسد"، والنظام السوري.


عبر المؤتمر عن دعمه لاستكمال تحرير المناطق السورية من سيطرة المليشيات الكردية، وتحديداً منطقة شرق الفرات.


علاقتنا مع تركيا علاقة تعاون وتحالف، لأن عدونا مشترك، التنظيمات الانفصالية، والإرهابية.


تركيا تقدم الدعم الإنساني الهادف إلى استقرار الشمال السوري، إلى جانب الدعم العسكري، وهي الدولة التي لمسنا صدقها في دعم الثورة السورية المحقة. 


المعارضة السورية وتحديدا السياسية "الائتلاف" تتعرض لانتقادات شديدة، ومطالبات بالاستقالة وتجميد المشاركة في مسار الدستور، بعد فشل كل الجولات في إحراز أي تقدم، هل أنتم في المجلس مع هذه المطالبات، ولماذا؟

نحن في "مجلس العشائر" مع المحافظة على أجسام الثورة السياسية، لكن في الوقت ذاته نعتقد أن وقت التغيير قد حان، التغيير في الشخصيات القائمة على أمر هذه المجالس، فمثلا نحن ندعم الائتلاف لأنه يحظى باعتراف دولي كممثل شرعي للثورة السورية، لكن نطالب بتغيير الأعضاء فيه لضخ دماء جديدة، لأجل الارتقاء بعمله، والموقف ذاته ينطبق على "الحكومة المؤقتة".

ما يخص مسار الدستور، نؤكد دعمنا لتطبيق القرارات الدولية، والواضح أن النظام لن ينصاع لذلك، وهو يعطل أي تقدم في كل المسارات السياسية، ولذلك لا بد من إعلان المعارضة عن انسحابها الفوري من المشاركة في جولات الدستور، لأن النظام يستفيد من هذا المسار، حيث يقول للعالم إنه ملتزم بالمسار السياسي، لكنه في حقيقة الأمر غير مهتم، وغير جاد.


أنباء غير مؤكدة تتحدث عن مشروع تقارب بين المعارضة السورية و"قسد" برعاية أمريكية، وأن العمل سيبدأ على هذا المشروع بعد إنجاز المفاوضات الكردية- الكردية، ما دقة ذلك، وكيف تنظرون إلى الحوار الكردي، وهل أنتم في المجلس على استعداد للعمل مع "قسد"؟


الحوار الكردي -الكردي خاص بالمكون الكردي، ولا ندعمه لأنه بالنهاية حوار يشارك فيه "الاتحاد الديمقراطي" وهو أداة بيد حزب "العمال الكردستاني" المصنف إرهابيا.


بتقديري لا يمكن الالتقاء مع "قسد" و"الاتحاد الديمقراطي"، لأن كل هذه المسميات ارتكبت جرائم كثيرة بحق الشعب السوري، ولا زالت.

 

لنا شروط قبل أن نلتقي معها في أي مشروع، أولها إعلان فك الارتباط مع "العمال الكردستاني"، وطرد كل العناصر غير السورية، وإلغاء ما يسمى بـ"الإدارة الذاتية" الكردية، والأهم الاعتراف بكل جرائم التهجير القسري والجرائم الأخرى.

أخيرا، هل تعتقدون أن العام الجاري 2021 سيشهد حلا للقضية السورية؟

نتوقع استنادا إلى أكثر من معطى أن الحل بات قريباً، ومن هذه المعطيات المصالحة الخليجية، وما سينجم عنها من تقارب خليجي تركي، وكذلك بدأنا نشهد تحسنا في العلاقات التركية- الأمريكية، بعد تسلم الإدارة الجديدة في البيت الأبيض.


تم تدمير سوريا وقتل وتهجير شعبها، وما أرادته بعض الدول قد تحقق فعلا، واليوم طفح كيل عذابات الشعب السوري، ويبدو أن كل ذلك سيعجل بالحل، نتمنى ذلك.