ملفات وتقارير

ما هي خيارات مجلس الأمن للتعامل مع ملف سد النهضة؟

استبعدت مصادر دبلوماسية أن يتم اعتماد مشروع القرار خلال جلسة مجلس الأمن المزمع عقدها الخميس- جيتي

تعول مصر والسودان على نتائج اجتماع مجلس الأمن الدولي الذي يعقد جلسة، الخميس، بشأن أزمة سد النهضة الإثيوبي بناء على طلب دولتي المصب، وسط تحذيرات من زيادة حالة التأزم والتوتر في المنطقة، وخلق وضع يهدد الأمن والسلم على الصعيدين الإقليمي والدولي.


وقالت الخارجية المصرية في بيان، الثلاثاء، إنه في إطار التحضيرات المُكثفة لعقد جلسة مجلس الأمن المُقررة حول قضية سد النهضة، التقى وزير الخارجية، سامح شكري، بالمندوبين الدائمين لروسيا والصين لدى الأمم المتحدة ودول أخرى.


وصرح المُتحدث باسم الخارجية، السفير أحمد حافظ، أن شكري شرح الأبعاد المختلفة للموقف المصري من قضية سد النهضة، المتمثل في ضرورة التوصل لاتفاق عادل ومتوازن وملزم قانونا حول ملء وتشغيل السد يُراعي مصالح الدول الثلاث، ولا ينقص الحقوق المائية لدولتي المصب.


بدورها، علقت الولايات المتحدة الأمريكية على قرار إثيوبيا بدء الملء الثاني للسد، وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية، نيد برايس، إن ملء إثيوبيا لخزان سد النهضة سيزيد التوتر على الأرجح، وحث جميع الأطراف على الإحجام عن التحركات الأحادية إزاء السد.


 لكن إثيوبيا تنفي نيتها إحداث أي ضرر لمصر أو السودان، وتقول إن الغرض من إقامة السد الأكبر في أفريقيا في الأساس هو الاستفادة من مواردها المائية في التنمية الاقتصادية، وتوليد الكهرباء بكميات كبيرة، وتصديرها للدول المجاورة.


ورغم اعتراض إثيوبيا على لجوء مصر والسودان إلى مجلس الأمن الدولي، على اعتبار أن المشكلة أفريقية ولا علاقة لها بالأمن والسلم الدوليين، فند سياسيون ومحللون أسباب لجوء دولتي المصب إلى مجلس الأمن، وأقصى ما يمكن الخروج به.


وتوقع النائب المعارض بالبرلمان المصري الحالي، ضياء الدين داوود، ألّا ينصف مجلس الأمن الدولي مصر في قضية سد النهضة، وقال عبر حسابه الرسمي على موقع فيسبوك: "لا_إستجداء_للحقوق# النيل وحقوقنا لا ينتظر بشأنها رأي الأمم المتحدة، مجلس الأمن لن ينصفنا، التسويف ليس في مصلحتنا".

 

 

خطوة شكلية غير ملزمة


وقلل عضو لجنة الأمن والدفاع بالبرلمان المصري سابقا، الدكتور محمد جابر، من نتائج اجتماع مجلس الأمن، وقال: "اجتماع المجلس هو شكل روتيني، وإجراء طبيعي تلبية لدعوة دولة عضو أو أكثر بطلب اجتماع".


وإذا ما كان المجلس يملك اتخاذ قرارات ملزمة، أوضح لـ"عربي21" أن "الأمر بالنسبة لمصر يمثل أمرا خطيرا، وتهديدا حقيقيا لأمنها القومي، ولا أتوقع أن يصدر مجلس الأمن قرارات تدين إثيوبيا أو تلزمها بقرارات تفيد مصر".


واستدرك: "وإن كنت آمل أن يصدر عن مجلس الأمن ما يؤكد حقوق مصر التاريخية في مياه النيل، ويلغي اتفاقية المبادئ التي وقعها السيسي بسبب تجاوز إثيوبيا لمبادئها، ويلزمها بتخفيض حجم وكمية المياه المخزنة إلى 12 مليار متر مكعب، وهي الكمية اللازمة لتوليد الكهرباء".


مطالب منصفة


وذهب البعض إلى ضرورة أن يضطلع مجلس الأمن الدولي بدوره، وقال خبير المواد المائية، الدكتور عباس شراقي، إنه "رغم تصريحات مندوب فرنسا ورئيس مجلس الأمن هذا الشهر غير الموفقة، التي يقول فيها: إن مجلس الأمن ليس لديه الكثير بشأن مشكلة سد النهضة، فإننا نتوقع من مجلس الأمن التوصيات الآتية..".


وعددها في منشور له على صفحته على موقع فيسبوك، قائلا: "الدعوة باستمرار التفاوض بين الدول الثلاث، ثانيا، تعيين وسيط دولي يضم الاتحاد الأفريقي وأطراف أخرى مثل الاتحاد الأوروبي والبنك الدولي، ثالثا، تحديد جدول زمني للوصول إلى اتفاق وليكن 3- 6 أشهر، رابعا، عدم اتخاذ إجراء أحادي يؤدي إلى تغيير مخزون السد خلاف ما تم بالفعل".


وتابع: "مطلب آخر أهم من المطالب السابقة، يتوقف تنفيذه على طلب من مصر والسودان بضرورة تخفيض السعة الكلية للسد، وهي 74 مليار متر مكعب، إلى أقل من النصف، نظرا لخطورة السد الشديدة و(إمكانية) تعرض السودان إلى طوفان لا قدر الله في حالة الانهيار لأسباب طبيعية أو بشرية، وقد يصل الضرر إلى مصر. وتدخل مجلس الأمن في هذه الحالة يصبح ضروريا لمنع كارثة قد تطيح بحوالي 20 مليون يعيشون بطول النيل الأزرق".

 


خطوة خاطئة


على العكس، حذر السياسي المصري المعارض، محمد شريف كامل، من مغبة تلك الخطوة، وقال: "الذهاب إلى مجلس الأمن بلا جاهزية ودون إثبات للحق المصري هو أخطر خطوة؛ لأنها تثبت وتدول اتفاقية 2015، وسيكون ذلك هو المسمار الأخير في نعش نهر النيل بالنسبة لمصر".


وتابع لـ"عربي21": "حتى ولو نظر المجلس للأمر بجدية، فلن لا ينتج عنه إلا توصية بضرورة الالتزام برعاية مصالح كل الدول، ولن ينتج عن ذلك أي شيء؛ لأن المشكلة ليست في ملء الخزان كما يصورها النظام المصري، إنما المشكلة الحقيقية تكمن في أن الاتفاقية منحت لإثيوبيا التحكم الكامل وبلا استشارة في تشغيل السد، فأصبحت إثيوبيا تملك محبس المياه العمومي لأكثر من 80% من مياه نهر النيل التي تصل إلى مصر".


وألقى كامل باللوم على النظام المصري: "للأسف الشديد قد تنازل النظام المصري عن الحقوق التاريخية لمصر بالتوقيع على اتفاقية المبادئ عام 2105، التي بموجبها تنازل النظام عن حق الفيتو الذي نصت عليه كل الاتفاقيات السابقة منذ 1891، والتي أُقرت قانونيا في الدورة العامة لمعهد القانون الدولي والتي عقدت في مدريد عام 1911، وأكدت إثيوبيا الحديثة عليها من خلال الإطار العام للتعاون الموقع بين مصر وإثيوبيا في عام‏ 1993".


يشار إلى أن المجموعة العربية بمجلس الأمن الدولي تقدمت بمشروع قرار، يطالب الدول الثلاث المعنية بسد النهضة (مصر وإثيوبيا والسودان) بمواصلة التفاوض لمدة 6 أشهر، بغية التوصل لاتفاق بشأن قواعد ملء وتشغيل السد.


والاثنين، أخطرت إثيوبيا دولتي مصب نهر النيل، مصر والسودان، ببدء عملية ملء ثانٍ للسد بالمياه، من دون التوصل إلى اتفاق ثلاثي، وهو ما رفضته القاهرة والخرطوم، باعتباره إجراءً أحادي الجانب.

 

تونس تقدم مشروع القرار


ويؤكد مشروع القرار العربي حق إثيوبيا في توليد الطاقة الكهربائية من السد، مع عدم إلحاق الضرر بدولتي المصب مصر والسودان. وتدعو مسودة القرار الدول المعنية إلى "عدم اتخاذ تدابير أحادية".


واستبعدت مصادر دبلوماسية أن يتم اعتماد مشروع القرار، خلال الجلسة المزمع عقدها الخميس لمناقشة الموضوع.

 

والأربعاء، قدمت تونس، العضو الحالي في مجلس الأمن، مشروع قرار يدعو إثيوبيا إلى التوقف عن الملء الثاني لسد النهضة.

 

وينص مشروع القرار، الذي نشرته وكالة "فرانس برس"، على أن مجلس الأمن يطلب من "مصر وإثيوبيا والسودان استئناف مفاوضاتها بناء على طلب كل من رئيس الاتحاد الأفريقي والأمين العام للأمم المتحدة، لكي يتوصلوا، في غضون ستة أشهر، إلى نص اتفاقية ملزمة لملء السدّ وإدارته".

ووفقا لمشروع القرار، فإن هذه الاتفاقية الملزمة يجب أن "تضمن قدرة إثيوبيا على إنتاج الطاقة الكهرمائية من سد النهضة وفي الوقت نفسه تحول دون إلحاق أضرار كبيرة بالأمن المائي لدولتي المصب".


كما يدعو مجلس الأمن، في مشروع القرار، الدول الثلاث إلى الامتناع عن أي إعلان أو إجراء من المحتمل أن يعرض عملية التفاوض للخطر، ويحض في الوقت نفسه إثيوبيا على الامتناع عن الاستمرار من جانب واحد في ملء خزان سد النهضة".