ملفات وتقارير

عام على انفجار مرفأ بيروت.. أجوبة غائبة ولم يحاسب أحد

ينتظر اللبنانيون الأجوبة بعد عام على الكارثة - جيتي


يدخل بعد أيام انفجار مرفأ بيروت عامه الأول، دون إجابات واضحة حول من تسبب بالكارثة، ودون أن يدخل أحد إلى قفص الاتهام ليحاكم في المأساة التي لا تزال آثارها بادية في البلد الذي يقف على حافة الانهيار.

في الرابع من آب/أغسطس 2020، وقع انفجار ضخم في مرفأ بيروت قتل أكثر من مئتي شخص وألحق دماراً ضخماً في المدينة... وعمّقت المأساة أزمة سياسية واجتماعية واقتصادية ومالية كانت بدأت قبل أشهر. بعد مرور عام، لا يزال البلد الصغير المنهك ينزف، ولم يحاسب أحد على ما حصل.

حوّل الانفجار الذي عزته السلطات إلى كمية ضخمة من نيترات الأمونيوم مخزنة من دون تدابير وقائية، بيروت إلى مدينة موت، دمّر أحياء فيها واقتلع أبواباً ونوافذ حتى في ضواحيها، وخلّف صدمة لم يشف اللبنانيون منها بعد.

وتبين، وفق تحقيقات إعلامية ومصادر مواكبة للتحقيق، أن مسؤولين سياسيين وأجهزة أمنية والجيش كانوا على علم بمخاطر وجود 2750 طناً من نيترات الأمونيوم مخزنة في المرفأ، لكنهم لم يحركوا ساكناً. وعندما قرر القضاء استدعاء بعض هؤلاء المسؤولين لاستجوابهم في القضية، ثارت ثائرة السياسيين، ورفضوا رفع الحصانة عن نواب تولوا مناصب وزارية، ومنح الإذن لاستجواب مسؤولين أمنيين.

 

اقرأ أيضا: ميشال عون يعلن استعداده للإدلاء بإفادته حول انفجار بيروت

حتى اليوم، لم يحصل اللبنانيون على أجوبة عن أسئلتهم: من أتى بهذه الكمية الضخمة من نيترات الأمونيوم؟ لماذا تُركت سبع سنوات في المرفأ، ومن كان يعلم بها وبمخاطرها؟ وما هي الشرارة التي أدت إلى الانفجار؟

وخلُص مكتب التحقيقات الاتحادي الأمريكي (إف.بي.آي) بعد انفجار ميناء إلى أن كمية نترات الأمونيوم التي انفجرت لم تكن أكثر 20 بالمئة فقط من حجم الشحنة الأصلية التي تم تفريغها هناك في 2013.

ويقدر التقرير الذي صدر في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2020 واطلعت عليه رويترز هذا الأسبوع أن حوالي 552 طنا فقط من نترات الأمونيوم هي التي انفجرت في ذلك اليوم وهي كمية أقل بكثير من الشحنة الأصلية التي تزن 2754 طنا والتي وصلت على متن سفينة مستأجرة من روسيا في 2013.

ولا يقدم تقرير مكتب التحقيقات الاتحادي أي تفسير لهذا التناقض بين الكمية التي انفجرت والكمية التي وصلت إلى الميناء كما لم يوضح أين ذهبت بقية الشحنة.

في وقت سابق، عيّن قاضي تحقيق أول لبناني في القضية، وقرر الادعاء على مسؤولين، فوقفت السياسة له بالمرصاد وتمّت تنحيته، بحجة عدم اتباعه الأصول القانونية. ويسير المحقق العدلي الذي خلفه طارق بيطار على خطاه اليوم، إلا أنّه لم يُعط بعد إذنا لملاحقة الأمنيين، ويعرقل البرلمان رفع الحصانة عن نواب ثلاثة، كانوا يشغلون مناصب وزارية، وتم استدعاهم.

وانتقدت دول عدة بينها فرنسا مسار التحقيق، وطالبت منظمات دولية بتشكيل بعثة تحقيق بإشراف الأمم المتحدة تدعم التحقيق المحلي، علها تنتشله من التدخلات السياسية.

ووقع الانفجار في عزّ أزمة كوفيد-19، ففاقم هموم اللبنانيين الذين كانوا غارقين أصلاً في أزمة اقتصادية غير مسبوقة.

وفي تشرين الأول/أكتوبر 2019، ثار اللبنانيون ضد الطبقة السياسية التي يتهمونها بالفساد والعجز. أسقطوا الحكومة آنذاك، وطالبوا بحكومة تكنوقراط. لكن الحكومة التي شكلت بعد عناء برئاسة حسان دياب لم تنجز شيئاً بسبب الانقسامات السياسية وتمسك الأحزاب والأطراف المختلفة بنفوذها، وقدمت الحكومة استقالتها إثر الغضب الشعبي الذي تفجر في وجهها بعد انفجار المرفأ.

بدأ لبنان مسيرته نحو الهاوية مع إعلان السلطات التوقف عن دفع ديونها الخارجية، ووضعت المصارف قيوداً على الودائع، وبدأت العملات الأجنبية تنفد من الأسواق والليرة اللبنانية تفقد قيمتها. ضرب الانهيار الاقتصادي قطاعات مهترئة أساساً مثل الكهرباء، وتعثرت قطاعات أخرى، وصولاً الى قطاع الصحة بعد تفشي فيروس كورونا ثم هجرة مئات الأطباء والممرضين الى الخارج بسبب الأزمة، ومؤخراً نقص الأجهزة الطبية والأدوية جراء التدهور المالي وعدم القدرة على فتح اعتمادات بالدولار.

وسرّعت كارثة مرفأ بيروت، أحد أكبر الانفجارات غير النووية في العالم الذي ذكّر بالقصف النووي على هيروشيما وناكازاكي، الانهيار في البلد.

وقتل الانفجار 214 شخصاً وجرح أكثر من 6500 آخرين وشرّد عشرات الآلاف عاد عدد منهم الى منازلهم.

وهبّت الدول لمساعدة لبنان، لكن المساعدات كانت محددة الأهداف لدعم المتضررين من الانفجار.

وضاعف المجتمع الدولي الضغوط على السياسيين اللبنانيين لتشكيل حكومة وتنفيذ إصلاحات ضرورية يشترط تحقيقها لتقديم القروض والمساعدات للحكومة.

وكلّف قبل أيام نجيب ميقاتي المهمة الصعبة بتشكيل حكومة جديدة، بعد تنحي سعد الحريري الذي عجز عن ذلك على مدى أشهر طويلة.

بعد سنة على وقوع الانفجار، لم يهدأ غضب اللبنانيين، لكنهم أيضاً يبدون متعبين. فالدعوات الى الاحتجاج في الشارع لم تعد تجمع كثيرين، كما حصل في تظاهرات تشرين الأول/اكتوبر 2019 ضد الطبقة الحاكمة، والتي علقت عليها آمال كبيرة لم تتحقق. وباتت الاحتجاجات محدودة وغالباً ما تشهد قطع طرقات وأعمال شغب.

الكارثة بالأرقام

- 214 شخصاً قتلوا جراء الانفجار، بحسب حصيلة رسمية.

- 6500 شخص أصيبوا بجروح.

- 300 ألف شخص شردوا مباشرة بعد الانفجار لفترة مؤقتة.

- أكثر من 70 ألف خسروا وظائفهم جراء الانفجار.

- 73 ألف شقة تضررت.

- 9200 مبنى تضررت.

- 163 مدرسة ومنشأة تعليمية على الأقل طالتها الأضرار.

- 106 منشآت صحية تضررت بينها ستة مستشفيات و20 عيادة.

- حوالى 200 كيلومتر المسافة بين لبنان وجزيرة قبرص التي وصلت إليها أصداء الانفجار.

- الحكومة اللبنانية برئاسة حسان دياب استقالت بعد ستة ايام من الانفجار.