ملفات وتقارير

هل يتكرر سيناريو أفغانستان بالعراق بعد الانسحاب الأمريكي؟

استبعد خبير عراقي أن يتكرر سيناريو أفغانستان في العراق- جيتي

على وقع الأحداث المتسارعة في أفغانستان، والتي انتهت بتمكن حركة طالبان من فرض سيطرتها على البلاد بشكل كامل، تدور تساؤلات حول مصير العراق بعد الانسحاب الأمريكي المقرر في نهاية العام الجاري.

التساؤلات تدور حول الجهات التي من الممكن أن تملأ الفراغ الأمني الذي قد يحدثه الانسحاب الأمريكي، وهل تكرار السيناريو الأفغاني وارد أم إن اختلاف الموقع الجغرافي بين العراق وأفغانستان يحول دون ذلك؟

ظروف مختلفة

وتعليقا على ذلك، استبعد الخبير الأمني والاستراتيجي العراقي، فاضل أبو رغيف، في حديث لـ"عربي21" تكرار السيناريو الأفغاني في العراق، لظروف عدة داخلية وخارجية تحيط بالعراق.

وقال أبو رغيف إن "العراق لا توجد فيه قوات مشاة أمريكية على الأرض، لكن العراق نفسه لديه قوات نظامية كبيرة وحشد شعبي وعمليات مشتركة وقوة جوية وطيران جيش، إضافة إلى الوحدة والإصرار الشعبي لمواجهة أي حركة من تنظيم الدولة تحاكي ما جرى في أفغانستان، لذلك فإنه قطعا لن يتكرر السيناريو الأفغاني في العراق".

وحول ما يشاع من أن ما جرى في أفغانستان هو رسالة لدول المنطقة بأنها أمام مصير مماثل إذا رفعت أمريكا يدها عن أي بلد، قال أبو رغيف إن "أمريكا محظوظة في كل شيء حتى حينما تخفق في ملف الانسحاب من دولة ما يقول عنها المحللون إنه تخطيط واستراتيجية أمريكية".

 

اقرأ أيضا: تقرير يتوقع انسحابات أمريكية جديدة بعد العراق وأفغانستان

وأردف: "أنا لا أعتقد وجود أي رسالة أمريكية من وراء الانسحاب إلى العراق، ولا يمكن لهذه الرسائل أن تعمل ما دامت هناك إرادة عراقية داخلية".

وأشار أبو رغيف إلى أن "موقع العراق يختلف عن أفغانستان فهو يقع في قلب الشرق الأوسط ودوره الجغرافي والاستراتيجي يؤهله ليكون ممرا نشطا للتجارة العالمية والربط بين قارتي آسيا وأوروبا".

السيناريو الأقرب

من جهته، قال أستاذ السياسة الخارجية في جامعة "جيهان" بمدينة أربيل، الدكتور مهند الجنابي، لـ"عربي21" إن "المشهد يرجح بشكل كبير أن تستخدم الفصائل المسلحة والمليشيات ثقلها داخل الدولة العراقية خلال المرحلة المقبلة".

وأوضح الجنابي أنه "إذا كانت مخرجات الانتخابات المقبلة مخالفة لرغبات هذه الأطراف (الفصائل الشيعية) فقد تنقلب الأخيرة ونكون أمام السيناريو اليمني الذي هو أقرب من السيناريو الأفغاني".

ولفت الخبير السياسي إلى أن "الفصائل المسلحة في العراق لديها الرغبة ويمكن أن تستغل مثل هذه الانهيارات، لكن لا يمكن للتجربة الأفغانية أن تستنسخ بشكل كامل في العراق".

ورأى الجنابي أن "الوضع في العراق يختلف في كثير من المسائل، لأن خطر تنظيم الدولة لم يعد بالقدر الذي تمكنه من تكرار هذا السيناريو، إلا إذا تحولت أفغانستان مستقبلا إلى مصدر للإرهاب".

وأكد أن "الأمور غير خاضعة للاستقرارية، لأن المتغيرات كثيرة والنسق الإقليمي تغير كثيرا، وبالتالي فإن المخاطر واردة على العراق، وفي حال حصل انكسار أمني بعد انسحاب القوات الأميركية ربما توسع تركيا نطاق تدخلها في العراق".

ارتدادات واردة

وعلى الصعيد ذاته، قال كاظم الفرطوسي المتحدث باسم مليشيا "كتائب سيد الشهداء" العراقية القريبة من إيران، الاثنين، إن "ما حصل في أفغانستان وسيطرة طالبان يمكن أن يحرك تنظيم الدولة أو القاعدة في العراق، لكن الأمر مختلف لأن من يمسك الأرض وطرد التنظيم من البلاد ما زال موجودا"، في إشارة إلى الحشد الشعبي.

 

اقرأ أيضا: هل تنسحب القوات الأمريكية بالكامل من العراق؟

وأوضح الفرطوسي أن "هناك اختلافا بين العراق وأفغانستان، لأن الغالبية العظمى من الشعب العراقي ترفض وجود تنظيم الدولة والحركات الإرهابية، وبالتالي فليس لديهم حاضنة في البلد، كما في أفغانستان".

ولفت إلى أن "وزارتي الدفاع والداخلية والحشد الشعبي يمتلكون إمكانيات قتالية ممتازة جدا وتفوق كثيرا قدرات تنظيم الدولة"، وأن "الحاضنة الاجتماعية تتمسك في المنظومة الأمنية العراقية، ولا سيما في المناطق المتاخمة لحدود دول إقليمية مجاورة".

وتابع: "لا أعتقد أن ثمة سببا واحدا يجعل العراقيين يرحبون بتنظيم الدولة، وكذلك لا يوجد سبب واحد يجعل الأجهزة الأمنية تتراجع والضعف أمام هذه القوات، نحن لا نؤمن بفرضية أننا أمام خيار تنظيم الدولة أو أمريكا، بل إن الاثنين شر لا بد من دفعه".

ووصف الفرطوسي طالبان بأنها "حركة إرهابية، رغم أنها تتحدث عن تغيير في نهجها لكن لم نر شيئا بعد منها"، مستبعدا أن تكون إيران مرحبة بالتغيير الذي شهدته أفغانستان.

يذكر أن قيس الخزعلي زعيم مليشيا "عصائب أهل الحق" قد لوّح في 2 حزيران/ يونيو الماضي، باتباع "الأسلوب الأفغاني" في مهاجمة القوات الأمريكية، لإجبارها على الانسحاب من العراق كما حصل في أفغانستان.

وأشار الخزعلي في معرض حديثه عن التصعيد النوعي ضد التواجد الأمريكي في العراق، إلى أنهم لا يمانعون التفاوض مع الولايات المتحدة لكن بشكل غير مباشر، وذلك عن طريق وسيط بينهما.