سياسة تركية

حديث للمعارضة عن "اغتيالات سياسية" يثير جدلا في تركيا

قررت النيابة العامة في أنقرة، إجراء تحقيق بشأن مزاعم كليتشدار أوغلو- جيتي

أثارت تصريحات لزعيم حزب الشعب الجمهوري كمال كليتشدار أوغلو، بشأن احتمالية حدوث جرائم "قتل سياسية" في تركيا قبل الانتخابات المقررة عام 2023، جدلا واسعا في البلاد.

 

وقررت النيابة العامة في أنقرة، إجراء تحقيق بشأن مزاعم كليتشدار أوغلو حول "الاغتيالات السياسية" التي كانت قد نشطت سابقا في تركيا واتهمت "جماعة الخدمة" بالوقوف خلفها.

 

وأشارت النيابة العامة، إلى أنها قررت فتح تحقيقات بالتصريحات التي أطلقتها المعارضة في البلاد حول "الاغتيالات السياسية"، والبحث بشأنها.

 

كيف بدأ الحديث عن "الاغتيالات السياسية" مؤخرا؟

 

تزايد في الآونة الأخيرة الاحتدام الداخلي السياسي التركي، بين المعارضة و"تحالف الجمهور" الذي يقوده الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بسبب التحضير للانتخابات، فيما أثار كليتشدار أوغلو قضايا عدة منها "المشكلة الكردية" و"الاقتصاد" وغيرها.

 

كليتشدار أوغلو قال في زيارة له لولاية مرسين جنوب البلاد، إنه يشعر بالقلق من احتمال وقوع جرائم قتل سياسية في البلاد قبل الانتخابات.

 

وأضاف كليتشدار أوغلو، أن "أردوغان سيسعى جاهدا وبكل الطرق للبقاء في السلطة"، معبرا عن قلقه من حدوث عمليات اغتيال سياسية.

 

وعقب تصريحات كليتشدار أوغلو، توالت التصريحات من المعارضة التركية بهذا الشأن، وقال كوراي آيدن نائب رئيسة حزب "الجيد" المعارض في مقابلة لصحيفة "سوزجو": "لقد سمعنا أيضا أن اغتيالات سياسية قد تحدث بالبلاد".

 

رئيس حزب الديمقراطية والتقدم التركي، علي باباجان، قال إن القلق الذي أبداه كليتشدار أوغلو مبرر، لأن البلاد شهدت الكثير من العنف السياسي في الفترة الماضية طالت اعتداءات على صحفيين ومسؤولين كبار في الأحزاب السياسية.

 

وفي مؤتمر مشترك مع زعيم حزب السعادة تمل كارامولا أوغلو، سأل عدد من الصحفيين كليتشدار أوغلو، حول ما يقصده بتصريحاته حول "الاغتيال السياسي"، ليستشهد بتصريحات سابقة للرئيس التركي اعتبرها تهديدا، دون تقديم أي دليل ملموس لمزاعمه.

 

"العدالة والتنمية" يعلق

 

رئيس دائرة الاتصالات في الرئاسة التركية، فخر الدين ألتون، اتهم كليتشدار أوغلو بمحاولة "إثارة مناخ من الخوف" في البلاد، داعيا إياه لإرسال الوثائق التي بحوزته إلى الإدعاء العام التركي إن كان يملكها.

وأضاف، أن "استحضار مثل هذه الأكاذيب بشكل غير مسؤول، يستهدف ثقة الأمة التركية بدولتها، والغرض الرئيس من هذه الإدعاءات هو الإضرار بالوحدة الوطنية، ووحدة البلاد وتعطيل السلم الاجتماعي".

 

المتحدث باسم حزب العدالة والتنمية التركي، عمر اتشليك، عقب قائلا، إنه "بفضل السياسة القوية التي يقودها رئيسنا، تم إنهاء جرائم القتل السياسي وتلك المسجلة بفعل مجهول خلال فترة حكوماتنا، وهكذا انتهى العصر الذي تم فيه التلاعب بالسياسة بشكل منهجي من قبل مراكز الوصاية".

 

واعتبر اتشليك، تصريحات كليتشدار أوغلو وقصده الرئيس التركي، بأنها موقف غير أخلاقي ولا مسؤول، مشيرا إلى أنها تدفع لزعزعة الاستقرار في البلاد، ولا تخدم سوى الطابور الخامس وأعداء تركيا.

 

وأضاف: "لو كانت هناك معارضة مسؤولة، لكانت هذه الإدعاءات أحيلت إلى السلطات القضائية المختصة ولما نشرت بهذا الشكل".

 

صويلو: تصريحات بعيدة كل البعد عن المسؤولية

 

بدوره قال وزير الداخلية التركي، سليمان صويلو، إنه سأل الجهات الأمنية والمخابرات التركية حول وجود معلومات عن عمليات اغتيال سياسي أم لا، وأجابوه، بأنه لا يوجد مثل هذه المعطيات.

 

وأكد أن هذه التصريحات بعيدة كل البعد عن المسؤولية، ومطلقوها غير قادرين على حساب أبعاد ذلك، والقلق الذي سيسببونه في المجتمع والثمن الباهظ لها، أو أنهم يتعمدون هذا التصرف.

 

وتابع متسائلا: "من أين يمكن الحصول على معلومات استخباراتية عن جرائم قتل سياسي؟.. الجواب بسيط.. إما من الاستخبارات العسكرية التابعة للأمن، أو الاستخبارات التابعة لقوات الدرك، أو المخابرات التركية، وقد سألت الجميع، وأجابوا بأنه لا يوجد مثل هذه المعطيات".

 

ووجه تساؤله للمعارضة التركية: "من أين حصلتم على هذه المعلومات؟.. هناك مصدران غير الدولة، أولها وكالات المخابرات الأحنبية، وهي قد تتلاعب بكم، أو لديكم اتصالات بالمنظمات الإرهابية".

 

وأشار إلى أن ذلك كان تكتيك منظمة "غولن"، موجها حديثه للمعارضة: "إذا تعاونتم معهم ووافقتم على حمايتهم أو الدفاع عنهم، فإن مستقبلكم سيكون هكذا".

 

ولفت إلى أن نائبه تواصل مع أحد الأشخاص (في إشارة إلى نائب رئيسة حزب الجيد)، وسأله عن معلوماته طالبا منه تقديم وثائق على تصريحاته، ليجيب بأنه تحدث وفقا لتقييمات كليتشدار أوغلو، وما قيل بهذا الشأن.

 

وأشار صويلو إلى أن زعيم المعارضة التركية في 16 أذار/ مارس 2016 تحدث عن نفس الأمر، لتحدث بعدها محاولة الانقلاب في 15 تموز/ يوليو، موجها حديثه لكليتشدار أوغلو بالقول: "تخلص من تلك الألعاب التي أغرت فيها منظمة غولن الإرهابية عقلك".

 

وشدد صويلو، على أن حقبة الاغتيال السياسي أو الجرائم المسجلة ضد مجهول انتهت تماما بفضل عملية التحول التي قادها الرئيس التركي في البلاد، مؤكدا أنه من الخطأ إثارة القلق لدى الأمة التركية من أجل طموح سياسي.

 

تصريحات خطيرة

 

الكاتب التركي عبد القادر سيلفي، أشار إلى أن تصريحات كليتشدار أوغلو خطيرة للغاية، ويجب أن تؤخذ على محمل الجد والتحقق منها.

 

وأضاف في تقرير على صحيفة "حرييت"، أنه إذا كان لدى كليتشدار أوغلو أي معلومات استخباراتية فعليه إحالتها على الفور إلى السلطات القضائية، وإذا كان حديثه ناجما عن قلقه بسبب التوتر السياسي في البلاد فعليه أن يشرح ذلك للرأي العام.

 

ولفت إلى أن البعض من المهمشين في المعارضة التركية، يعتقدون بأن أردوغان قد يرتكب اغتيالات سياسية حتى لا يخسر الانتخابات، وكليتشدار أوغلو قد يفكر مثلهم.

 

وأضاف سيلفي أنه قبل الانتخابات عام 2018، كانوا يقولون إن أردوغان قد يبدأ حربا ويؤجل الانتخابات متحججا بها، وهذا لم يحدث بل استجاب لدعوة زعيم الحركة القومية دولت بهتشلي.

 

وشدد على أن أردوغان الذي يدير البلاد منذ 20 عاما، أنهى حقبة الاغتيالات السياسية التي كانت سائدة في فترة التسعينيات.

 

وأضاف: "يقولون بأن أردوغان إذا خسر الانتخابات فلن يقبل بها"، لكن حزب العدالة والتنمية خسر الانتخابات البلدية في إسطنبول وأنقرة وأنطاليا، هل لم يسلموا بها؟.. هل ما زالوا جالسين في مقاعدهم؟".

 

وأشار إلى أنه إذا كان لدى كليتشدار أوغلو مثل هذا القلق بسبب التوتر السياسي الحالي، فقد كان من الواجب عليه اتخاذ إجراءات لخفض بيئة التوتر، كما أن المطلوب من الإدعاء العام بأنقرة الجلوس معه والتأكد إذا ما كان في يديه معلومات استخباراتية أم لا.