حقوق وحريات

مقطع تنكيل بعاملة منزلية صادم في لبنان يثير جدلا

المرصد الأورومتوسطي ينتقد تعنيف عاملة منزل في لبنان (الأورومتوسطي)

قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان: إن مقطعًا مصورًا يُظهر شخصًا يعتدي على عاملة منزلية في لبنان، مجرد قمة جبل الجليد لانتهاكات واسعة وغير معلنة يعززها نظام الكفالة الذي يفتح الباب أمام اعتداءات جسيمة تصل إلى حد العبودية الحديثة.


وظهر في مقطع مصور يجري تداوله على منصات التواصل الاجتماعي، منذ أول أمس الأربعاء  شخصا يسحل امرأة من شعرها، ويجرها في الشارع، ويضربها على رأسها، رغم صراخها الشديد وطلبها النجدة. وتبين لاحقًا أن المرأة هي عاملة منزلية لدى الشخص المعتدي، في بلدة "جورة البلوط"، وتعمل لديه بموجب نظام الكفالة الذي يتسم بالعنصرية والتمييز. 

وبحسب وسائل إعلام لبنانية، فقد أمرت النيابة العامة الاستئنافية في جبل لبنان بإخلاء سبيل المعتدي، بعد عدم تقدم العاملة بشكوى ضده، وإفادتها بأنه كان يحسن معاملتها.  

وعبر الأورومتوسطي عن خشيته من أن تكون العاملة المنزلية تعرضت لضغوط من رب العمل؛ لإجبارها على إسقاط الدعوى، والتوقيع على إفادات تضمن إخلاء سبيله دون محاسبة.

وقال "طارق حجار"، المستشار القانوني لدى الأورومتوسطي في لبنان، إنه في حالة كهذه "يجب على سفارة البلاد القادمة منها العاملة ووزارة العمل اللبنانية توفير الحماية اللازمة لها لتقدم إفادتها أمام النيابة العامة بشكل كامل، وتقول حقيقة ما حصل معها بعيدًا عن ضغط رب العمل"

وعبر المرصد الأورومتوسطي عن أسفه لمحاولة مختار جورة البلوط، المحامي "عصام بو جودة"، في بيان تداولته وسائل إعلام محلية، تبرير الاعتداء بكون "العاملة استقدمت قبل يوم إلى منزل مخدوميها، وهم من سكان جورة البلوط، وحاولت الفرار في الليلة نفسها، وتم القبض عليها، وإعادتها إلى مكتب التوظيف، وإعادة المبلغ المالي إلى المخدومين".

وأشار الأورومتوسطي إلى أن هذا الاعتداء هو نموذج لما تواجهه آلاف العاملات المنزليات في لبنان من عنف وتنكيل وسوء معاملة بفعل قانون العمل اللبناني ونظام الكفالة، الذي يتسم بالعنصرية والتمييز، ويوفر بيئة للعنف تجاه العاملات المنزليات ويتركهن بلا حماية.

وأكد البيان أن نظام الكفالة، وعلى امتداد السنوات الماضية، وضع آلاف العاملات المنزليات في ظروف عمل شبيهة بالعمل القسري، وشرعن ممارسات غير إنسانية متعدّدة، مثل إجبار العاملات على السكن في منزل الكفيل، وعدم تحديد ساعات العمل، ومنع العاملة من الخروج من المنزل، وعدم حصولها على إجازات أسبوعية أو سنوية.

كما أتاح هذا النظام لأصحاب العمل السيطرة الكبيرة على العاملات اللواتي يجدن أنفسهن مضطرات غالبا للقبول بشروط العمل المجحفة، التي تحرمهن من أيّ نظمٍ أو أدوات تساعدهن على حفظ حقوقهن وتحصيلها في حالات الخلاف أو الاستغلال. كما أن أي محاولة من أي واحدة منهن للهرب من منزل الكفيل يجعلها عرضةً للتنكيل والحرمان من الحقوق والترحيل.

وأشار الأورومتوسطي إلى أنّ أكثر من 250 ألف سيدة وافدة تعمل بنظام الكفالة الاستغلالي في لبنان، والذي يربط وضعهن القانوني بأصحاب عملهن، ما يجعلهن فريسة سهلة لمختلف أنواع الانتهاكات.

وشدد على أن السلطات اللبنانية تتحمل المسؤولية عن هذا الوضع المؤسف، مذكرًا بأن مجلس شورى الدولة أوقف العمل بعقد جديد وموحد للعاملات المنزليات، بعد شهر واحد من اعتماده من وزير العمل في سبتمبر/ أيلول 2020. وكان العقد الجديد محاولة تسعى لمراعاة قوانين العمل الدولي، حيث استند على خطّة عمل ومسودة عقدٍ قدّمت من منظمة العمل الدولية وجهات أخرى إلى الحكومة اللبنانية، بهدف تفكيك نظام الكفالة، وصولاً إلى إلغائه.

وطالب الأورومتوسطي السلطات اللبنانية باتخاذ الإجراءات القانونية بحق المعتدي، داعيًا إلى تولي المدعي اللبناني صفة الادعاء كون الاعتداء استهدف عاملة مستضعفة، بهدف ضمان عدم تكرار الاعتداءات.

ودعا المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان السلطات اللبنانية إلى اتخاذ خطوات جدية لمكافحة مظاهر العنصرية المتزايدة في البلاد، وكبح خطاب الكراهية والتحريض ضد الأجانب، وإلغاء جميع القوانين العنصرية ضد مختلف الفئات، التزامًا بالاتفاقيات الدولية التي وقعّتها في هذا الإطار، وأبرزها الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري.