اقتصاد عربي

ECO: مصر وتونس تواجهان ديونا ضخمة ونقص السلع يثير القلق

مخزون المواد الاستهلاكية من الملابس إلى الأثاث في تناقص مستمر بمصر وتونس- الأناضول

نشرت مجلة "إيكونوميست" تقريرا قالت فيه إن مصر وتونس بلدان يواجهان مشكلة توفير المال لتمويل كلفة استيراد ثمن الخبز والسيارات، وكلاهما مثقل بأعباء الديون ويديران مفاوضات مع صندوق النقد الدولي.


وقالت "إيكونوميست" إن وضع علامات تحدد حصول المستهلكين على كيس طحين ولترين من الحليب تبدو غير ضرورية، لأنه لا يوجد ما يمكن شراؤه في المتاجر.

 

فقد فرغت الرفوف في متاجر تونس بالأسابيع القليلة الماضية، وبات من الصعب الحصول على السكر وزيت الطبخ والزبدة والقهوة، وبخاصة خارج العاصمة التونسية. ولجأت بعض المتاجر لتحديد عدد قناني المياه التي يمكن للزبون شراؤها.


وعاش المتسوقون في القاهرة نفس الشيء طوال الصيف، فمخزون المواد الإستهلاكية من الملابس إلى الأثاث في تناقص مستمر. وتعلق المجلة أن النقص في المواد الإستهلاكية هو واقع غير سعيد للمستهلكين حول العالم منذ عام 2020، ففي أمريكا هناك نقص في السدادات القطنية (تامبون) التي تستخدمها النساء. وفي فرنسا هناك نقص في صلصلة الخردل.


وفي الشرق الأوسط، فالرفوف الفارغة ربما لم تكن مرتبطة بسلاسل التوريد، لكنها صورة عن عدم قدرة الحكومات المثقلة بالديون والفارغة خزائنها من النقود الضرورية لشراء المواد الأساسية. فمعظم المواد المفقودة بشكل مستمر هي تلك التي تحظى بدعم كبير من الحكومة. فربع كيلو من القهوة تكلف من المحمصة دولارا أمريكيا ودولارين للتر واحد من زيت الطعام. وهذه المواد مهمة في بلد تعيش نسبة 19 بالمئة على ما يصل إلى 5.50 دولارات في اليوم حسب أرقام البنك الدولي.

 

ولم تصدر الحكومة التونسية إحصائيات وطنية منذ عام 2015. وأكد الرئيس سعيد الذي يحمل المحتكرين المسؤولية أن مشاكل تونس ليست في نقص المواد الغذائية بل بسبب جشع "المضاربين" الذين يرفضون بيع المواد بالأسعار الرسمية المنخفضة. وتقوم الشرطة بمداهمات دورية على مخازن مليئة بالمواد الغذائية.

 

اقرأ أيضا: المواد الغذائية تنفد في تونس.. وارتفاع غير مسبوق للأسعار
 

ففي آذار/مارس أصدر سعيد الذي حكم من خلال المراسيم بعد تعليقه البرلمان في العام الماضي قانونا صيغ بطريقة غامضة منع فيه "نشر المعلومات المضللة" التي قد تثير فزع المستهلكين وتزيد من ارتفاع الأسعار. وتقول المجلة إن تفسير سعيد سطحي، فبعض المواد غير متوفرة بشكل كامل، وليس في السوق السوداء. وتملك تونس 8 مليارات من الاحتياطي الأجنبي (أربعة أشهر استيراد) وعليه دين 35 مليار دولار معظمها للمقرضين الأجانب، وهذا لا يترك الكثير للاستيراد. وتم التحفظ على البضائع في الموانئ لأن الموزعين ليس لديهم المالي الكافي لدفع ثمنها.

 

وفاقمت الحكومة المشكلة عندما حددت الأسعار. فيجب على تجار الألبان بيع منتجاتهم بنسبة 25 بالمئة أقل من كلفة إنتاجها، ولا تعوض الحكومة الفرق في الكلفة. وزاد سعر أعلاف المواشي منذ غزو روسيا لأوكرانيا. ومن الطبيعي أن يعبر المزارعون عن تذمرهم حيث أوقف الكثيرون أعمالهم وخففها البعض.


وتعتبر مشاكل مصر، مختلفة، فقد زادت الأسعار منذ بداية العام الحالي، وارتفعت نسبة التضخم في المواد الغذائية إلى 13 بالمئة. ولدى البقالات الصغيرة القهوة وزيت الطعام. وأصاب النقص المتاجر التي تبيع المواد المستوردة للزبائن الأثرياء. وانخفض الإحتياطي الأجنبي منذ كانون الثاني/يناير من 41 مليار دولار إلى 33 مليار دولار (تكفي لدعم استيراد أربعة أشهر ونصف)، والحكومة راغبة بدعم خزينتها بالعملة الصعبة.

 

وفي نيسان/أبريل منعت مئات من الشركات من استيراد المواد الغذائية. وكان التفسير الحكومي غير مقنع، وهو فشل الشركات في استكمال الأوراق اللازمة. وبالممارسة فقد كان القرار عبارة عن محاولة فرض نوع من الاكتفاء الذاتي وتخفيض استيراد المواد غير الضرورية. وفرض البنك المركزي على نفسه قيودا متعلقة بالاستيراد. وساعدت هذه الإجراءات على تخفيض فاتورة الاستيراد المصرية، ويعتقد أنها 7 مليارات من البضائع الأجنبية في حزيران/يونيو وهو انخفاض عن 8 مليارات في حزيران/يونيو 2021. إلا أن الحظر وضع الكثير من الشركات بمأزق وبخاصة التي لم تعثر على بديل محلي.

 

وتحاول بعض المتاجر ملء الرفوف بما تبقى لديها من بضائع في المخازن وبيع تشكيلات الموسم الماضي بدلا من الموسم الجديد. وهناك متاجر لا شيء لديها لتعرضه. ويكافح تجار السيارات لتوفير السيارات بموعدها للزبائن الذين دفعوا سعرها قبل ستة أشهر. وانخفضت نسبة تسجيل السائقين لسيارات جديدة بنسبة 43 بالمئة في حزيران/يونيو العام الماضي.

 

اقرأ أيضا: ضربة جديدة للأسواق بمصر.. وتوقعات بارتفاعات حادة للأسعار


ويهدد النقص أفضل شراب للمصريين الذين يعدون من أكثر شعوب العالم استهلاكا للشاي، وهو منتج لا يزرع محليا. وأنفقت مصر 192 مليون دولار لاستيراده العام الماضي. وحذرت أكبر شركة لتوزيع الشاي في مصر الشهر الماضي من انخفاض المخزون.


ويدير البلدان مفاوضات مع صندوق النقد الدولي للحصول على حزمة إنقاذ، وربما طلب من مصر تخفيض قيمة العملة التي خسرت 19 بالمئة من قيمتها منذ آذار/مارس. وفي آب/أغسطس عزل رئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي مدير المصرف المركزي الذي عارض تخفيض قيمة العملة. وفي وضع وصلت فيه نسبة الدين الإجمالي للناتج المحلي العام 94 بالمئة فاحتياجات مصر ضخمة.

 

واقترضت 12 مليار دولار من صندوق النقد الدولي و5 مليارات أخرى في 2020، ويقدر بنك غولدمان ساكس أن على البلد دفع 13 مليار دولار للصندوق خلال الأعوام الثلاثة المقبلة لسداد الدين. ويعتقد البنك أن مصر قد تطلب قرضا جديدا بـ 15 مليار دولار. وأكد وزير المالية في تموز/يوليو أنه سيطلب مبلغا أقل، مع أنه لم يعط تقديرا. وقضى السيسي الصيف كله في نقاشات مع رجال الأعمال حول وضع البلد المالي الخطير.

 

وتعهدت دول الخليج بـ 22 مليار دولار ولكنها ليست مساعدات بل استثمارات. وفي 13 أيلول/سبتمبر زار السيسي قطر، البلد الذي نظر إليه كعدو لدعمه الإخوان المسلمين إلا أن "المتسولين لا يختارون".


وتواجه تونس أوضاعا صعبة، وبدأت محادثات رسمية في تموز/يوليو، وربما طلب منها قطع الدعم وفاتورة رواتب القطاع العام والتي زادت من 11 بالمئة من الناتج المحلي العام في 2010 إلى 18 بالمئة في 2020. ويعارض الاتحاد العام التونسي للشغل القوي الإجراءين ويجادل أنهما سيزيدان من الفقر. ويعاني البلد خيارا مؤلما إما أسعارا مرتفعة للبضائع المدعمة أو عدم وجود بضائع.