قضايا وآراء

مظاهرات كفاية البريطانية

1300x600
في اليوم الأول من الشهر الجاري، تظاهر عشرات الآلاف من المتظاهرين الغاضبين في ثماني مدن بريطانية، اعتراضا على ارتفاع الأسعار الكبير في الأشهر الماضية وفشل الحكومة الجديدة في السيطرة على الأزمات الاقتصادية المستمرة.

اتخذ المتظاهرون شعارا واحدا لهذه التظاهرات الحاشدة هو "كفاية"، في رسالة مباشرة لحكومة حزب المحافظين مفادها أن الغضب يتصاعد داخل أرجاء المملكة المتحدة ولم يعد هناك أي مجال للخطب الرنانة والشعارات الجوفاء.

منظمو تظاهرات كفاية البريطانية، أعلنوا أماكن التجمع ووسائل التظاهر وتوقيتها في كل مدينة.. منظمات أهلية تقود التظاهرات، ونشطاء عماليون وآخرون في طليعة المتحدثين، وعشرات الآلاف من المواطنين والمقيمين في بريطانيا قرروا النزول إلى الشوارع في وقت واحد دون خوف أو قلق من شرطة أو اعتقال أو مطاردة.

الإعلام البريطاني قام بتغطية التظاهرات لحظة بلحظة، دون تهويل أو تهوين، نقل الصورة كما هي في لندن ومانشستر وأسكتلندا وإدنبرة، استضاف عددا من المشاركين وأجرى مقابلات مع بعض المنظمين. كان الإعلام هو صدى صوت المتظاهرين الغاضبين من الحكومة وأوصل رسالتهم للجميع.

الشرطة في بريطانيا وقفت تتابع ما يجري في صمت، وظيفتها حفظ الأمن وتأمين المظاهرات، والتأكد من عدم حدوث أعمال شغب أو تعطيل للمرور وحياة الناس. لم نسمع عن حالة اعتقال في صفوف المتظاهرين أو إصابات باختناق نتيجة إطلاق الشرطة لقنابل الغاز المسيل للدموع.
مشهد مظاهرات كفاية في بريطانيا بكل مكوناته التي ذكرتها أصابني بالحسرة والحزن على ما آلت إليه الأوضاع في مصر، ونحن مقبلون على قمة المناخ السابعة والعشرين بما لها من زخم إعلامي دولي كبير

منظمات المجتمع المدني كان لها الدور الأبرز في تنظيم ونجاح هذه المظاهرات الحاشدة ضد الحكومة، على سبيل المثال حملة لا تدفعوا الفواتير قامت بجمع ما يقارب من ربع مليون توقيع من المواطنين الرافضين لدفع فواتير الطاقة باهظة الثمن. المتحدث باسم الحملة قال بأن المستهدف إذا وصل عدد التوقيعات إلى مليون توقيع أن تبدأ الحملة في تنفيذ قرار الامتناع عن دفع فواتير الطاقة، حتى تضغط على الحكومة للتدخل العاجل.

رئيسة الحكومة البريطانية الجديدة ليز تراس حاولت امتصاص غضب الشارع البريطاني، فقامت بإجراء عدد من المقابلات الإذاعية مع إذاعات بي بي سي المحلية في مدن بريطانية مختلفة، كان من بينها إذاعة بي بي سي المحلية في مدينة ليدز، لتصطدم بمذيعة شابة اسمها ريما أحمد أوقعتها في الفخ بسؤالها عما إذا كانت حظيت بنوم هادئ في الليلة السابقة أم لا، ثم واجهتها بحقيقة غيابها عن المشهد تماما لعدة أيام، لتتحول هذه المداخلة وسؤال المذيعة الشابة إلى تريند في بريطانيا يردده الجميع قائلين نفس السؤال لرئيسة الحكومة البريطانية: أين كنت؟

مشهد مظاهرات كفاية في بريطانيا بكل مكوناته التي ذكرتها أصابني بالحسرة والحزن على ما آلت إليه الأوضاع في مصر، ونحن مقبلون على قمة المناخ السابعة والعشرين بما لها من زخم إعلامي دولي كبير، وهو ما دفع وزير الخارجية المصري سامح شكري لطمأنة نشطاء المناخ قائلا إن السلطات ستسمح لهم بالتظاهر في أماكن بعينها.

لو حدثت مظاهرات كفاية في مصر في قادم الأيام، لخرج علينا الإعلام المصري مهاجما كل من شارك في تلك التظاهرات ومتهما إياهم بالخيانة والعمالة ومحاولة نشر الفوضى وهدم الدولة المصرية، ولو كان أحمد موسى ومصطفى بكري ونشأت الديهي يقدمون برامجهم من لندن لخاطبوا الشعب البريطاني قائلين إن هناك ملكا جديدا ورئيسة وزراء جديدة قد توليا مقاليد الحكم في البلاد، ولا بد من إعطائهم فرصة، فالبلاد ليست بخير والمملكة المتحدة تعيش حالة عدم استقرار، ويجب دعم الوطن وعدم الانسياق وراء الفوضى.
النظام المصري وأذرعه الإعلامية أصبحوا من هواة المقارنة مع بريطانيا في كل شيء، فالأسعار في بريطانيا مرتفعة مثل مصر، وهناك أزمة في الكهرباء مثل مصر، والاقتصاد البريطاني في أزمة، ومصر أفضل من بريطانيا

ولو أن السيسي هو ساكن الرقم عشرة في داونينج ستريت (مقر رئاسة الوزراء البريطانية)، لأمر باعتقال كل من شارك في تلك المظاهرات وزجه في السجن، ولطالب المواطنين بدفع فواتير الطاقة مضاعفة للمساهمة في حل أزمة الوطن والتبرع في صندوق تحيا بريطانيا.

لو أن ريما أحمد مذيعة راديو بي بي سي ليدز وجهت سؤالا من نوعية أين كنت لعبد الفتاح السيسي أو مصطفى مدبولي أو أي وزير آخر؛ لحولوا اسمها من ريما إلى جريمة أحمد ولأغلقوا عليها باب الإذاعة إلى الأبد.

النظام المصري وأذرعه الإعلامية أصبحوا من هواة المقارنة مع بريطانيا في كل شيء، فالأسعار في بريطانيا مرتفعة مثل مصر، وهناك أزمة في الكهرباء مثل مصر، والاقتصاد البريطاني في أزمة، ومصر أفضل من بريطانيا.

عزيزي ضابط المخابرات العامة المسؤول عن مدينة الإنتاج الإعلامي، هذا المقال فيه مقارنات لطيفة بين مصر وبريطانيا إلى جانب مظاهرات كفاية وتعامل الدولة معها..

لعنايتكم..

twitter.com/osgaweesh