ملفات وتقارير

بعد إقالات السوداني.. ما مصير اتفاقيات أبرمها الكاظمي؟

هل يعلّق السوداني اتفاقيات مع دول عربية عقدها سلفه؟ - (المكتب الإعلامي للسوداني)
بدأ رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني عهده الجديد بإلغاء تعيين 400 من كبار المسؤولين، الذين عيّنهم سلفه مصطفى الكاظمي بأوامر ديوانية، في مقدمتهم رئيسا المخابرات والأمن الوطني، ورئيس الوقف السني، وأمين بغداد، وعدد من المحافظين والقادة الأمنيين.

وأثارت إجراءات السوداني، جملة من التساؤلات عن مغزاها، وما يترتب عليها خلال المرحلة المقبلة، وكذلك فيما إذا كانت هذه بداية للشروع في إلغاء خطوات أخرى، اتخذتها حكومة الكاظمي خلال مدة عامين، ولا سيما توقيع العديد من الاتفاقيات مع دول عربية وإقليمية.

وفي الوقت الذي برر فيه السوداني إجراءاته بأنها تأتي وفق قرار من المحكمة الاتحادية، يقضي بعدم امتلاك حكومة تصريف الأعمال الشرعية في تعيينهم، فإن مراقبين حذروا من "نهج انتقامي" تتخذه الحكومة الجديدة في المرحلة المقبلة، يعيد العراق إلى العزلة العربية والدولية.

"تصويب قانوني"

وتعليقا على ذلك، قالت الباحثة في الشأن السياسي العراقي، نوال الموسوي لـ"عربي21"؛ إن "التعيينات التي ألغيت حاليا، كانت قد جرت في ظل تقييد حكومة الكاظمي بقرار من المحكمة الاتحادية، يتعلق بالصلاحيات وتسيير الأعمال اليومية".

وأضافت الموسوي أنه "كان هناك حاجة للكاظمي لتعيين هؤلاء من أجل استمرار عمل الدولة وشؤونها، في ظل التوترات التي رافقت تلك المرحلة، وخصوصا فيما يتعلق ببعض المناصب الحساسة، ومن ثم ربما يكون قرار السوداني أمرا مطلوبا اتخاذه لتصويب الوضع لأوامر التعيينات".

وشددت الباحثة العراقية على ضرورة أن "تخضع المناصب التي يجري تغييرها لإدارات مهنية، وأن تكون التعيينات الجديدة لمن يستحقها ومؤهل لتوليها، وخصوصا في خضم الصراع والتوتر العالي الذي نشهده خلال المرحلة الحالية؛ جراء الانقسام السياسي الحاصل داخل البيت السياسي الشيعي تحديدا".

وتابعت: "لذلك، يتطلب توخي الدقة في اختيار شخصيات على مستوى إدارة الدولة والمؤسسات عالية الحساسية، خصوصا جهاز المخابرات، ومديريات الشرطة، وقيادات العمليات، ولا بأس أن تحظى هذه الشخصيات بقبول سياسي وشعبي، وألا تستفز التيار الصدري على وجه الخصوص".

من جهته، قال الباحث في الشأن العراقي، نذير محمد، لـ"عربي21"؛ إن "القرارات التي اتخذها السوداني هدفها إنهاء المنظومة التي حاول سلفه تثبيتها في أركان الحكومة، ولا يخلو الأمر من بُعد انتقامي؛ لأن الإطار التنسيقي كان ناقما بشكل كبير على سياسة الكاظمي".

واستبعد محمد أن "تتبع الحكومة الجديدة المهنية في اختيار شخصيات بديلة عمّن جرى إلغاء تعيينهم، والدليل هو الإتيان ببدلاء مقربين من السوداني أو الإطار التنسيقي، وهذا بدا واضحا من خلال اختيار السكرتير العسكري للقائد العام للقوات المسلحة، وغيره".

وأردف؛ "إن قرارات إلقاء القبض التي صدرت بحق مسؤولين كبار بجهاز المخابرات تحت ذرائع مختلفة، ينذر بأن حكومة السوداني بصدد تنفيذ أجندة القوى النافذة في الإطار التنسيقي، التي كانت تحرض ضد هذا الجهاز الأمني بشكل مستمر وتتهمه بالعمالة للخارج".

"تجميد الاتفاقيات"

وبخصوص مصير الاتفاقيات التي أبرمت في عهد الكاظمي، رأت الموسوي أن ذلك "بحاجة إلى بحث معمق من حكومة السوداني، وعدم الذهاب إلى إنهاء هذه الاتفاقيات كونها وقعت بناء على بعد استراتيجي مهم للجانب العراقي، تحديدا في علاقاته العربية التي كانت شبه منعزلة، ومن ثم التروي والبحث بموضوعية بعيدا عن الضغوطات السياسية، أمر مطلوب".

وأضافت الموسوي: "لا ننسى أن هناك توترا بالمنطقة مع الجارة الشرقية إيران، وأن الحكومة الحالية في العراق تحسب على حلفاء طهران، لذلك أي إجراء يتخذ لإنهاء العلاقات الاستراتيجية ذات البعد السياسي والاقتصادي على مستوى العلاقات العراقية العربية، سيفسر بأنه تنفيذ لأجندة خارجية وتطلعات الجارة الشرقية، وهذا قد يطيح بالحكومة ويعيد العراق إلى العزلة الدولية".

ورأت الموسوي أن "الإقدام على أي قرار من هذا النوع، هو أمر غير صحيح، وإنما يفترض العمل على تطوير هذه العلاقات بين العراق والعالم العربي، وجعلها علاقات ضامنة لمصالح العراق السياسية والاقتصادية".

وأشارت الباحثة إلى أن "الاتفاقيات كانت معظمها تتعلق بالطاقة، وأن مفهوم العلاقات الضامنة، هو أن تُبنى على بعد استراتيجي واقتصادي، ومن ثم تعدد مصادر الطاقة وتوريد النفط والغاز وغيرها من الاستراتيجيات الاقتصادية المهمة، لتحصين العراق في موقعه الجغرافي وعلاقاته البينية مع الدول العربية، وباقي دول العالم".

من جانبه، توقع محمد أن "تجمّد حكومة السوداني جميع الاتفاقيات التي أبرمها الكاظمي مع الدول العربية، وليس بالضرورة إعلان إلغائها رسميا؛ وذلك لأن الجهات ذاتها داخل الإطار التنسيقي لم تكن راضية عنها، وكانت تريد إبقاء البلد أسيرا لإيران في مجال توريد الطاقة وغيره".

ولفت الباحث إلى أن "العراق مقبل على مرحلة جديدة تعيده إلى عهد رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، وتفضيل إيران على غيرها من دول الإقليم، بغض النظر عن مصلحة العراق، خصوصا أن العقوبات الغربية ستشتد على طهران خلال المرحلة المقبلة".

وكانت حكومة رئيس الوزراء السابق، مصطفى الكاظمي، قد أبرمت العديد من الاتفاقيات التي تخص بناء محطات الطاقة الشمسية، وربط العراق على شبكة الخليج الكهربائية، لا سيما مع السعودية والإمارات والكويت، وكذلك وقعت اتفاقيات مماثلة مع مصر والأردن.