سياسة عربية

ماذا يعني إقرار بناء أول مستوطنة منذ 2012؟.. تفصل شمال القدس المحتلة عن جنوبها

تُعدّ هذه هي الخطّة الأولى والأكبر من نوعها في القدس منذ 11 سنة - جيتي
وافقت سلطات الاحتلال، الأسبوع الماضي، على مخطّط لبناء مستوطنة "القناة السفلية" والتي تضمّ 1792 وحدة استيطانية على أراضي بلدة صور باهر في القدس المحتلة.

ومع تواصل العدوان الإسرائيلي وحرب الإبادة في قطاع غزة، لم يغفل الاحتلال عن انتهاز فرصة انشغال العالم بالمجازر التي يرتكبها في القطاع بدعم أمريكي، فقد راح الاحتلال يستمر في تهويد القدس.

ويقول الخبير في شؤون القدس والمسجد الأقصى عبد الله معروف لـ"عربي21"، إن الاحتلال يريد بناء  مستوطنة "القناة السفلية"على أرض صور باهر بالقرب من أم طوبا.

وأضاف معروف أن خطورتها ترتبط بكونها ستصل بين مستوطنة هارحوما (أبو غنيم) وبقية المستوطنات الجنوبية وبذلك تفصل القدس تماماً عن جنوبها.

وتعتبر هذه المرّة الأولى منذ عام 2012، وفق ما أعلنت منظّمة "عير عميم" اليسارية غير الحكومية حيث تُعدّ هذه هي الخطّة الأولى والأكبر من نوعها في القدس المحتلة التي تجري الموافقة عليها، منذ إقامة مستوطنة "جفعات هماتوس" قبل 11 عاماً.

واتّهمت المنظّمة المذكورة، سلطات الاحتلال، باستغلال الحرب على قطاع غزة لإنشاء المستوطنة الجديدة، محذّرةً من تداعيات ذلك على المستقبل السياسي للقدس.

وبحسب المعلومات المتوفّرة، فإن المستوطنة الجديدة ستقام على حوالي 186 دونماً من الأراضي المتاخمة لحيّ أم طوبا الفلسطيني، بين مستوطنتَي "هار حوما" الحالية ومستوطنة "جفعات هماتوس" جنوب مدينة القدس المحتلة.

ومن شأن "القناة السفلية" أن تعمّق، حال إقامتها، عزل القدس عن جنوب الضفة الغربية، كونها ستمتدّ على طول الحدود الجنوبية للأولى، ما يجعل إقامة الدولة الفلسطينية وتواصلها جغرافيّاً أكثر استحالة وفقاً لصحيفة الأخبار اللبنانية.

وعلى الرغم من تعهّد سلطات الاحتلال بوقف الأنشطة الاستيطانية، خلال الاجتماعَين اللذين عُقدا في العقبة الأردنية، في 26 شباط الماضي، وفي شرم الشيخ المصرية في 19 آذار الماضي، لكنّها، مع ذلك، واصلت أنشطتها الاستيطانية، العام الجاري، بمستوى هو الأعلى خلال السنوات العشر الأخيرة.
 
ولا يخفي الاحتلال نيّته ورغبته في رفع أعداد المستوطنين داخل حدود بلدية القدس التي جرى توسيعها، حيث يشكّل المستوطنون اليوم ما نسبته 40% من مجمل عدد السكان، فيما يطمح ويسعى إلى أن تصل هذه النسبة إلى 88%، مقابل 12% للعرب.

وتعود تسمية المستوطنة "القناة السفلية" إلى القناة الرومانية التي كانت تنقل المياه من ينابيع قرية أرطاس الفلسطينية (برك سليمان) قرب بيت لحم، إلى البلدة القديمة في القدس، ولها دلالة دينية يهودية إذ تدّعي الرواية اليهودية أن القناة كانت تنقل المياه إلى جبل الهيكل في القرن الأول قبل الميلاد، ولا تزال هناك بقايا لها في المنطقة المنوي إقامة المستوطنة عليها.

وكانت سلطات الاحتلال في القدس قد صادقت، منتصف أيلول الماضي، على مخطّط حيّ/ مستوطنة "كدمات صهيون" على الحدود الشرقية لبلدية القدس المحاذية لبلدة أبو ديس، والذي سيشمل بناء 400 وحدة استيطانية قرب السياج الفاصل الذي يمرّ في بلدة أبو ديس، وسيكون ضمن خطّة شاملة لربط المستوطنات التي تقام شرق "جبل المكبر" مع بعضها البعض، وذلك بهدف السيطرة على الجزء الشرقي للقدس بشكل كامل، والذي يطلّ على أحياء، منها: رأس العين ووادي قدوم وسلوان والمسجد الأقصى والبلدة القديمة.

وتمثّل الحكومة اليمينية برئاسة بنيامين نتنياهو، وبمشاركة أقطاب اليمين المتطرّف (بن غفير وسموتريتش)، فرصةً ذهبية لازدهار الاستيطان؛ إذ دفعت إلى الآن، بمخطّطات لإقامة أكثر من 12 ألف وحدة استيطانية في الضفة الغربية، كما نشرت أيضاً مناقصات لبناء 1289 وحدة استيطانية، ما يرفع إجمالي عدد الوحدات إلى أكثر من 14 ألفاً، علماً أن أكبر هذه المخطّطات كان مستوطنة "معاليه أدوميم" شرق مدينة القدس (1475 وحدة استيطانية)، و"عيلي" شمال شرق رام الله (1081 وحدة)، بالإضافة إلى "كوخاف يعقوب" وسط الضفة (627 وحدة)، و"جفعات زئيف" شمال غرب القدس (559 وحدة)، و"ألكناه" القريبة من نابلس (350 وحدة)، و"كريات أربع" في الخليل جنوب الضفة (374 وحدة)، و"كيدوميم" شمال الضفة (380 وحدة)، بالإضافة إلى التوسّع في العديد من المستوطنات الأخرى.

كذلك، شهد عدد المستوطنين في الضفة ارتفاعاً كبيراً، إذ بحسب أرقام "المكتب الوطني للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيطان" التابع لـ"منظمة التحرير الفلسطينية"، فإن أعداد المستوطنين في الضفة الغربية تضاعفت 7 مرات منذ توقيع "اتفاقية أوسلو" قبل نحو 30 عاماً، بينما تسيطر المستوطنات على نحو 40% من المساحة الإجمالية للضفة، حيث ناهز عدد المستوطنين 506 آلاف، و230 ألفاً يعيشون داخل القدس.