سياسة عربية

"الطبيب الإنسان".. عدنان البرش شهيدا تحت التعذيب في سجون الاحتلال

انقطعت أخبار الطبيب البرش منذ اعتقاله نهاية العام الماضي رغم كل المحاولات لكشف مصيره- إكس
لم يترك الطبيب الفلسطيني عدنان البرش رسالته الإنسانية في تضميد الجراح وإسعاف جرحى الحرب الوحشية على غزة، حتى آخر لحظات من حياته المهنية، قبل أن تعتقله قوات الاحتلال من أحد مستشفيات شمال قطاع غزة، في كانون الأول/ ديسمبر الماضي، وليعلن الخميس أنه قضى شهيدا تحت التعذيب في سجن عوفر الإسرائيلي.

نزوح من الشفاء
ذاع صيت الشهيد الطبيب عدنان البرش إبان حصار الاحتلال مستشفى الشفاء في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، حيث أجبرت قوات الاحتلال الطواقم الطبية على ترك المكان تحت تهديد السلاح، بعد أن عاثت قتلا واعتقالا في صفوف الجرحى والطاقم الطبي والنازحين على حد سواء.

وفي مقابلة بتاريخ 18 تشرين الثاني/ نوفمبر بعد خروجه من مستشفى الشفاء، بكى الدكتور الشهيد عدنان البرش بحرقة خلال اتصال مع قناة الجزيرة، لأنه أجبر على النزوح، وترك مرضاه وجرحاه دون رعاية، وقال حينها "أدينا الرسالة وأجرنا على الله".


لم يستسلم الدكتور البرش، بل واصل رسالته الإنسانية في علاج الجرحى في المستشفى الإندونيسي شمال قطاع غزة، ليصاب أيضا بجروح خلال قصف لقوات الاحتلال.

وحين داهم الاحتلال المستشفى الإندونيسي، اضطر البرش للنزوح للمرة الثالثة صوب مستشفى العودة القريب، بمنطقة تل الزعتر، ليلقى هناك بعد فترة قصيرة مصيره معتقلا، بعد أن اقتحم الاحتلال المستشفى واعتقل وجرح من فيه، فضلا عن قتل عدد كبير من الجرحى والنازحين.

منذ ذلك الحين، انقطعت أخبار الطبيب البرش، رغم كل المحاولات لكشف مصيره، ليعلن الخميس عن استشهاده تحت التعذيب في معتقل عوفر الإسرائيلي.

وتعليقا على استشهاده، قال الطبيب النرويجي، مادس غيلبرت، والذي تطوع للخدمة سنوات طويلة في قطاع غزة، وعرف الشهيد عن قرب: "الدكتور عدنان، الجراح الفلسطيني المخلص والمناضل الشجاع بشكل استثنائي من أجل شعب غزة، توفي تحت التعذيب في السجون الإسرائيلية بعد اعتقاله أثناء قيامه بعمله الإنساني".

وتساءلت غيلبرت، "لماذا لا يتم القبض على الجناة ومحاكمتهم من قبل المحكمة الجنائية الدولية على جرائم الحرب الشنيعة التي ارتكبوها؟".




من هو الطبيب عدنان البرش؟
عدنان أحمد عطية البرش هو رئيس قسم العظام في مستشفى الشفاء في قطاع غزة، ورئيس الدائرة الطبية في الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم.

ينحدر البرش من مدينة جباليا شمال قطاع غزة، والتي ولد فيها عام 1974، وفي مدارسها تلقى دراسته الإبتدائية والإعدادية والثانوية قبل أن ينتقل إلى دراسة الطب خارج البلاد.

تقول مصادر عائلية لـ"عربي21"، إن عدنان البرش سافر ليكمل مسيرته العلمية في رومانيا، حيث درس هناك الطب العام، وحصل على شهادة البكالوريوس، ثم تمكن لاحقا من الحصول على البورد الأردني والفلسطيني في جراحة العظام والمفاصل، والزمالة البريطانية في جراحة الكسور المعقدة في لندن، وأخيرا درس الماجستير في العلوم السياسية من جامعة الأزهر بغزة.

وأعلنت هيئة شؤون الأسرى والمحررين، ونادي الأسير، اليوم الخميس، استشهاد اثنين من معتقلي غزة، أحدهما رئيس قسم العظام في مجمع الشفاء الطبي الدكتور عدنان أحمد عطية البرش (50 عاما) من جباليا.

وقالت الهيئة والنادي في بيان، إن جيش الاحتلال الإسرائيلي اعتقل الطبيب البرش في شهر كانون الأول/ ديسمبر الماضي، خلال وجوده في مستشفى العودة إلى جانب مجموعة من الأطباء.

ووفقا للمعلومات المتوفرة، فقد استُشهد البرش في معتقل "عوفر" في 19 نيسان/ أبريل الماضي، ولا يزال جثمانه محتجزا، علما أنه كان قد تعرض للإصابة خلال وجوده في المستشفى الإندونيسي قبل نحو 5 أشهر.


اغتيال متعمد
واعتبرت الهيئتان الحقوقيتان، أن الشهيدين البرش وخضر، ارتقيا نتيجة لجرائم التعذيب، والجرائم الطبية التي يواجهها معتقلو غزة، وذلك في ضوء استمرار جريمة الإخفاء القسري بحقهم.

وشددا على أن ما جرى مع البرش بشكل خاص هو عملية اغتيال متعمدة، تأتي في إطار الاستهداف الممنهج للأطباء في غزة والمنظومة الصحية، ومنها العدوان الذي شنه الاحتلال على مستشفى الشفاء بشكل خاص، واستهداف طاقمه الطبي، وما تلا ذلك من تدمير كلي للمستشفى، وتحويله إلى مقبرة حيث استُشهد واعتُقل المئات فيه.

ونعت الهيئة والنادي باسم الحركة الوطنية الأسيرة الشهيدين خضر والبرش، اللذين التحقا بشهداء فلسطين في سبيل الحرية.

وقالا إننا بفقدان الدكتور البرش، فإننا فقدنا قامة علمية ونضالية ووطنية، بقي حتى آخر لحظة على رأس عمله قبل اعتقاله، متنقلًا من مستشفى إلى آخر لعلاج الجرحى، إلى أن تم اعتقاله.

وأضافا أنه باستشهاد البرش وخضر، فإن عدد الشهداء المعتقلين الذين قضوا في معتقلات الاحتلال الإسرائيلي ومعسكراته جراء جرائم التعذيب والجرائم الطبية، وسياسة التجويع، ارتفع إلى (18)، وهم ممن تم الإعلان عن استشهادهم ومعرفة هوياتهم، باستثناء شهيد من عمال غزة، أُعلن عنه دون الكشف عن هويته.

ورجحا أن تكون أعداد المعتقلين الشهداء من غزة أكبر، إذ في وقت سابق كان الإعلام العبري قد كشف عبر تقارير صحفية، أن ما لا يقل عن 27 معتقلا من غزة استُشهدوا في المعتقلات ومعسكرات الاحتلال الإسرائيلي.