سياسة عربية

"اختلالات" بملايين الدولارات في عاصمة المغرب

تعتبر تجربة التدبير المفوض شكل من أشكال غياب المحاسبة - عربي21
اتهمت السكرتارية الوطنية للشبكة المغربية لحماية المال العام بالمغرب المجلس الجماعي لمدينة الرباط، وسلطات الوصاية على عاصمة المغرب، بالتزوير والفساد والتلاعب بصفقات "التدبير المفوض"، واتهمت الشركات بالغش والتدليس كلفت ميزانية العاصمة ملايين الدولارات.

ويعرف التدبير المفوض على أنه عقد يفوض بموجبه شخص معنوي عام يسمى "المفوض" لمدة محدودة تدبير مرفق عام يتولى مسؤوليته إلى شخص معنوي عام أو خاص " المفوض إليه"، والذي يصبح مخولا له تحصيل أجرة من المرتفقين أو تحقيق أرباح من التدبير، وتنتمي إلى العقود الإدارية ويرتكز على ثنائية الاتفاق، دفتر التحملات.

وتوقفت الشبكة المغربية لحماية المال العام، في ندوة صحافية الأربعاء، عند ملف تزوير تعرضت له صفقة تدبير النفايات بالعاصمة المغربية الرباط بعد إعلان ولاية الرباط من جهة واحدة عن طلب عروض في الموضوع لتدبير النظافة على شطرين يهم مقاطعتين لمدة 27 شهر، لجمع النفايات عبر تقنية GPRS.

بالإضافة إلى تجهيز الحاويات وتدبير التجهيزات ما بعد جمع النفايات، وكذا إعداد وإصلاح نقاط التجميع وتنظيف المسالك والساحات العمومية، وكذا تفريغ مواد التنظيف إضافة إلى التشوير الخاص بالحاويات، حيث تم الإعلان عن الشركة الفائزة دون تطابق ما بين دفتر التحملات الأصلي والواقع.

وكلف تدبير النقل اعتمادات مالية عمومية وصلت إلى 120 مليار سنتيم (15 مليون دولار) للنهوض به، نتيجة انسحاب شركات فرنسية مما أدى إلى ضياع 40 مليار سنتيم (5 مليون دولار) في أقل من سنتين.

ورصدت الشبكة تعمد الشركة المكلفة بالنظافة ممارسة الغش والتدليس، بملء الطبقة الأولى في الشاحنات من الأتربة ومخلفات البناء والمتلاشيات لتنضاف إليها حمولة الأزبال للاستفادة من قيمة الزيادة في الوزن اليومي لتستفيد الشركة من مليار سنتيم (125 ألف دولار) من ميزانية المجلس البلدي، لتعتبره الشبكة المغربية خرقا للقانون واستنزافا للمال العام وضرب لشفافية الصفقات العمومية.

إضافة إلى عدة اختلالات في عملية التدبير، خاصة في مجالات الاستثمار التي تعد الانعكاس الحقيقي لتطور الخدمات على أرض الواقع، حيث رصد أن شركات مشتغلة في قطاعات التوزيع والنظافة والنقل الحضري قدمت خدماتها لفائدة ما يزيد عن 13.5 مليون نسمة وحققت رقم معاملات سنوي يناهز 15 مليار درهم (1.875 مليون دولار).

ومن بين الاختلالات أيضا التي يعاني منها قطاع النقل العمومي بالعاصمة، هو محاولة الضغط من أجل صرف مستحقات صفقة شراء مستودعات كلفت الملايير التي سيتم تمويلها بقروض ترهن مستقبل القطاع لعقود طويلة، في ظل النزيف والعجز المالي الذي تغرق فيه الشركة تلك المستودعات التي تم اقتناءها بضواحي الرباط كلفت الملايير.

وتستفيد الشركات من اقتناء أراضي بأثمنة تفضيلية، بهدف استغلالها في تشييد مستودعات ومكاتب مركزية للشركات المستفيدة من الصفقات الغامضة والمشبوهة،
 
زيادة على الإخلال الشبه التام ببنود الصفقة ودفتر التحملات بعدم احترام عدد الحافلات الموعود بجلبها للخدمة، ثم غياب المحاسبة ومراقبة تنفيذ دفتر التحملات الذي ينعكس على الجودة التقنية للحافلات التي شهد العديد منها اشتعال الحرائق بسبب عدم تحمل أسلاك الكهرباء للحرارة الزائدة خاصة وأنها تنتمي إلى "الخردة"، كما أن قطع الغيار التي من المفروض أن تلعب دورا في إصلاح الأعطاب تعرضت للنهب ودون أن تخضع لطلب عروض دولي.

ورصدت السكرتارية الوطنية للشبكة المغربية لحماية المال العام بالمغرب، في تقرير اطلعت عليه صحيفة "عربي21"، عدة اختلالات في تدبير النقل والنفايات بالعاصمة المغربية الرباط، نتيجة غياب هيئة مستقلة تتكلف بمهام الخبرة والتنسيق والتتبع واليقظة وضعف الإدارة الجماعية من حيث المؤهلات والكفاءات القادرة على الاضطلاع بالالتزامات المنصوص عليها في عقود التدبير وخاصة مهام التتبع والمراقبة.

وخلصت السكرتارية الوطنية للشبكة المغربية لحماية المال العام بالمغرب، إلى أن تجربة التدبير المفوض، هو شكل من أشكال غياب المحاسبة، وتقويم أداء الوكالات المستقلة وإعمال مبادئ الحكامة والكفاءة والتسيير.

واعتبرته عملية لتلميع صورة الدولة أما المؤسسات المالية الدولية على حساب القدرة الشرائية للمواطنين الذين أصبح معظمهم يشتغل طوال الشهر من أجل تسديد فواتير الشركات الفرنسية المستحوذة على التدبير المفوض، ويعد إفراغا لعمل المجالس المنتخبة، حيث يخلص الدولة من نسبة كبيرة من كثلة الأجور بعد تحويل الموظفين بالوكالات إلى مستخدمين خاضعين لقانون الشغل.