سياسة دولية

شطب 6 ملايين من بطاقات التموين.. هل بدأ إلغاء الدعم بمصر؟!

حالة اقتصادية صعبة يمر بها المصريون- جيتي

أكد اقتصاديون وسياسيون أن الحكومة المصرية بدأت في تنفيذ خطتها بإلغاء الدعم العيني الذي يتم صرفه من خلال بطاقات التموين للمواطنين، وأن إعلان وزير التموين بأنه سيتم شطب 6 ملايين من المدرجين على البطاقات هي الخطوة الأولى في هذا الاتجاه، وأن إعلانه فتح القيد للمواليد الجدد جاء بشروط تقلل من نسبة الذين سيتم إدراجهم على البطاقات خلال الفترة المقبلة.


وقال التاجر إبراهيم الفيومي لـ "عربي21" إن الوزارة أبلغتهم أنها سوف تقوم بإزالة أكثر من ستة ملايين مشترك من البطاقات الموجودة، وإن حجم الذين سيتم إضافتهم لن يتجاوز ثلاثة ملايين، وطالبتهم بالتعاون مع العمد ومشايخ البلد وشيوخ الحارات للكشف عن المسافرين أو الذين يعلمون بأكثر من وظيفة لشطبهم من البطاقات الموجودة.


ويضيف الفيومي أن الشروط التي وضعتها الوزارة لإضافة المواليد الجدد لن تسمح بإضافة كل المواليد الموجودين في قوائم الانتظار منذ سنوات، لأنها اشترطت ضم المواليد لمن لا يزيد دخله على 2500 جنيه (140 دولار) شهريا، وهم الموظفون وأصحاب المعاشات، وهي الفئة الأكثر بالبطاقات التموينية، ولكن رواتبهم ومعاشاتهم تزيد على هذا الرقم، وبالتالي لن يستطيعوا إضافة المواليد الجدد لديهم.


ويؤكد مدرس اللغة العربية أحمد عليوة لـ "عربي21" أن قرار وزير التموين بضم المواليد على البطاقات الموجودة، وعدم إصدار بطاقات جديدة، يحرم قطاع كبير من المواطنين من الاستفادة بالدعم العيني، مشيرا إلى أنه فشل لأكثر من خمس سنوات في استخراج بطاقة تموينية خاصة به، وبالتالي ما زال مدرجا على بطاقة والده رغم أنه متزوج ولديه أربعة أبناء، ودخله لا يزيد على 2000 جنيه (113 دولارا)، ويشاركه في الأمر ذاته ثلاثة من أشقائه الذين ما زالوا مقيدين على بطاقة والدهم، وكل منهم لديه أبناء ويحتاج للدعم، وبالتالي فإن قرار إضافة ثلاثة مواليد فقط على كل بطاقة يمثل ظلما للجميع.


يأتي هذا في الوقت الذي أعلن فيه وزير التموين المصري، علي مصيلحي، في مؤتمر صحفي عقده أمس الثلاثاء، بأن الوزارة سوف تقوم بحذف ستة ملايين من مستخدمي البطاقات التموينية، وأنه سوف يبدأ من اليوم الأول من آب/ أغسطس 2018 ملء استمارات إضافة المواليد الجدد، طبقا لشروط محددة وضعتها الوزارة.


من جانبه، يؤكد عضو البرلمان المصري السابق، طارق المرسي، لـ"عربي21"، أن ما أعلنه وزير التموين بإضافة المواليد الجدد على البطاقات التموينية لتخفيف العبء عن المواطنين، يمثل عملية نصب فجة، لأنه سوف يقوم بشطب 6 ملايين مشترك دون توضيح أسباب شطبهم، كما وضع شروطا تعجيزية لإضافة المواليد الجدد على البطاقات الموجودة بالفعل، وبالتالي لم يقم بإصدار بطاقات جديدة، وحدد الإضافة بثلاثة مواليد فقط.


ويضيف المرسي أن الوزارة وضعت بعض الشروط المهينة، أبرزها عمل بحث اجتماعي أو ما يعرف بـ"شهادات الفقر"، قبل ضم المواليد الجدد، وهي الإجراءات التي تسعي الوزارة من ورائها لتقليل مستحقي الدعم بشكل خبيث؛ لأنها سوف تقوم بإزالة ستة ملايين مواطن، وستقوم بإضافة ثلاثة ملايين فقط على أكثر تقدير، ما يعني أنها تسعي لتوفر ميزانية ثلاثة ملايين من مستحقي الدعم.


ويضيف المرسي أن الدعم الحالي يُصرف بقيمة 50 جنيها للفرد شهريا (3 دولار)، يختار بهم السلع التي يريدها من منافذ صرف التموين، وهو المبلغ الذي لم يتم زيادته في الموازنة العامة للدولة لعام 2018/ 2019 رغم الزيادات الجنونية التي شهدتها أسعار السلع والخدمات المختلفة، مما جعل هذه القيمة ضعيفة للغاية.


ويشير الخبير الاقتصادي سمير أبو الخير إلى أن الحكومة تسعي لإلغاء الدعم العيني وتحويله لدعم نقدي، لتوفير ما لا يقل عن 150 مليار جنيه سنويا (840 مليون دولار) طبقا لتصورها الذي كانت تعتزم تنفيذه بالفعل بالموازنة الجديدة، التي بدأت من أيام، لكنها أجلت تأجيل الفكرة.


ويضيف أبو الخير لـ"عربي21" أن إعلان وزير التموين شطب ستة ملايين من مستحقي الدعم دون توضيح الأسباب، معناه أن الحكومة عازمة على إلغاء الدعم العيني بالفعل والتحول لنظام الدعم النقدي، لكنها قبل تنفيذ ذلك تريد تقليل أعداد المستفيدين منه بمثل هذه الإجراءات.


ويوضح الخبير الاقتصادي أن الأسبوع الماضي شهد ارتباكا في دعم الخبز، وهو الارتباك الذي يشير إلى أن الحكومة كانت تريد وقف دعم الخبز وتحويله لدعم نقدي بما يوفر نصف القيمة المخصصة له، لكنها تراجعت بعد ساعات من محاولة تنفيذ القرار.


ودعا أبو الخير الحكومة لتخفيف قبضتها عن المواطن المصري الذي يعاني من عجز كبير في ميزانيته الخاصة، بعد ارتفاع الأسعار بشكل لم يسبق بمصر، وهو الارتفاع الذي لم يقابله زيادة في راتبه، بالإضافة لعدم وجود فرص حقيقية لتنوع مصادر الدخل الشخصية نتيجة الوضع الاقتصادي السيئ الذي تعيشه مصر.